تقارير

هل تعرف من أين تؤكل الكتف؟

المصدر

يوسف أبو لوز

ظاهرة تكريمية في الوسط الثقافي العربي، أو أنها شبه ظاهرة تلك التي تتمثل في ذهاب الجوائز الأدبية إلى الأجيال الثمانينية والتسعينية من الشعراء والروائيين، بينما، بالكاد كان شاعر أو روائي في الخمسينات والستينات يحصل على جائزة لها قيمة مالية بالقدر الذي نعرفه اليوم.
لم يحصل بدر شاكر السيّاب وجيله: البياتي، وبلند الحيدري، ونازك الملائكة على جوائز متسلسلة – إن جازت العبارة- كما يحدث اليوم لعدد من الشعراء والروائيين العراقيين، لكن الحالة العراقية تظل حالة شبه استثنائية، ففي العموم، لا يقطف العراقيون جوائز أدبية إلاّ في حدود أولئك الذين سوّقوا أنفسهم سياسياً بشكل خاص، أو أولئك الذين استثمروا في بعض الجوائز التي تمنحها مؤسسات ثقافية أوروبية أو مهرجانات محكومة عادة إلى العلاقات الشخصية.
شعراء وروائيو الجوائز الأدبية أغلبهم من مصر والأردن وفلسطين، ولبنان، وربما حصل شوقي بزيع على جوائز أدبية أكثر مما حصل عليها سعيد عقل أو انسي الحاج، وحصد أحمد الشهاوي، وأحمد عبدالمعطي حجازي، ومحمد عفيفي مطر جوائز أدبية أكثر مما حصل عليها العقّاد والحكيم، وحصل إبراهيم نصر الله على جوائز أدبية أكثر مما حصل عليها إبراهيم طوقان، وفدوى طوقان، وعز الدين المناصرة، ونال يوسف عبدالعزيز، وحبيب الزيودي جوائز أدبية أكثر مما نال (عرار) مصطفى وهبي التل، وحصل ممدوح عدوان على جوائز أكثر مما حصل عليها عمر أبو ريشة، ونال قاسم حدّاد جوائز عدة أكثر من أي شاعر بحريني قديم.
هل تعود هذه الظاهرة أو شبه الظاهرة إلى كثرة الجوائز الأدبية في العقود الثلاثة الأخيرة وبخاصة تلك التي تذهب إلى الروائيين والشعراء، في حين كانت الجوائز الأدبية قليلة وربما نادرة في الأربعينات والخمسينات والستينات من القرن العشرين مع أن شعراء وروائيي تلك العقود هم بمثابة آباء روحيين وآباء أدبيين للشعراء والروائيين الذين ظهروا في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، وتمتلئ خزاناتهم بالدروع والأوشحة التكريمية، لا بل إن بعض الكتّاب الساخرين أشار مرّة إلى ما سمّاه «صيّاد جوائز» بقوله إن هذا الشاعر لديه من الجوائز أكثر مما لديه من الشعر.
يستحق كل من يتعب على نفسه أن يُكرّم مادياً ومعنوياً، ولكن مع اتساع رقعة ما يُسمّوْن «صيادو الجوائز» يفكر المرء في اختراع جائزة لمن لم يحصل على جائزة، وما أكثر الذين لم يحصلوا على جوائز أدبية مع أن لديهم الكثير من الأدب الرّاقي الصّافي، ولكن هؤلاء سيظلون دائماً بلا جوائز لأنهم لا يجيدون لعبة العلاقات العامة والعلاقات الشخصية، وهؤلاء، أيضاً «.. لا يعرفون من أين تؤكل الكتف..» حتى لو كانت كتف فيل.

yabolouz@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here