تقارير

لماذا يهجرون بلدانهم؟

المصدر

رائد برقاوي

عندما يفكر نصف شباب العرب ويسعون لهجرة بلدانهم للعمل والعيش في بلدان أخرى فهذه مأساة، وعندما تصل النسبة إلى الثلثين في بعض الدول فهذه مأساة أكبر، وعندما يحدث ذلك بعد عقود متتالية من الاستقلال فنكون هنا قد وصلنا إلى «قمة المأساة».
لا نتحدث هنا عن الستينات والسبعينات من العقد الماضي، بل عن العام 2020 حيث العلوم وثورة التقنية والثورة الصناعية الرابعة، والمدن الذكية والذكاء الاصطناعي، والرخاء الذي شهده العالم.
حقيقة مؤلمة يعيشها الشباب العربي اليوم، كشفها استبيان «أصداء» الذي شمل 4000 شاب وشابة من معظم البلدان العربية.
لكن لماذا يفكر هؤلاء في الهجرة من بلدانهم إلى دول أخرى، عربية وغير عربية؟ الأسباب عدة وفي مقدمتها، الأوضاع الاقتصادية في دول هؤلاء الشباب، ثم الفساد وضعف التعليم، يلي ذلك فقدان «الأمن والأمان»، والحريات، والهشاشة السياسية. باختصار إنها «لقمة العيش والحياة الكريمة».
هل يجوز بعد عقود من الاستقلال ألا تتمكن إدارات و«قيادات» الكثير من الدول العربية من تحقيق مظلة كريمة للعمل والعيش لشبابها، في وقت تملك فيه من الموارد المادية والبشرية ما يؤهلها لتكون في مصاف الدول المتقدمة.
ألم تسأل تلك القيادات أو الإدارات نفسها يوماً لماذا شبابها ينجحون ويبدعون في الخارج، عندما تتوافر لهم الظروف المناسبة، فيما هم محبطون وفاشلون عندما يعيشون تحت مظلتها؟
نحن نتحدث هنا عن رغبة 77% من شباب لبنان الذين يفكرون ويسعون للهجرة، وأكثر من 60% من شباب ليبيا واليمن والعراق، و50% من فلسطين والأردن والسودان وسوريا وتونس.. وغيرها.
مرة ثانية وثالثة، الأمر لا يتعلق بالموارد، فغالبية تلك الدول لديها الكثير من الخيرات الوطنية في قطاعات متعددة، لكنها لم تفعل إلا القليل، لأن تلك الموارد أهدرت على فئات محددة في السلطة ومن حولها، فيما الأغلبية لم يصلها شيء.
المفرح في الاستطلاع ما أفاد به الشباب العرب، عن المكان الحلم للعيش والعمل أو أين يأملون لبلدانهم أن تصل اليه في تطورها؟ فتكون الإجابة للمرة التاسعة والعاشرة ليست دولة أجنبية متقدمة بل دولة عربية حديثة العهد والتأسيس، إنها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي كانت آخر الدول العربية التي نالت استقلالها، وأصبحت سريعاً مثلاً يحتذى في البناء والتطور والعلوم والرخاء والأمن والأمان.
لكن لماذا نجحت الإمارات حيث فشل الآخرون في مسارات التطور؟ الجواب أيضاً معروف ولكن تكراره مفيد، باختصار إنها القيادة التي أخلصت لوطنها وآمنت بشعبها ومقدراته، فكانت بين الفائزين. إنه الحكم الرشيد وبناء دولة العدل والقانون. إنه تلاحم القيادة والشعب لتحقيق دولة الرفاه.
نعم، لا نريد أن نقول إن الإمارات تقدمت على الكثير من الدول العربية، لكن نقول، إن كثيراً من الدول العربية تأخرت عن مواكبة مسار الإمارات في معركة البناء والتنمية، فتلك المعركة هي الأساس وليست الاستثناء، وكان من الضروري أن يخوضها العرب أجمعون وليس دولة أو بضع دول.
يبقى القول إن التأخر لا يعني عدم الوصول، فالوقت لمن يريد مازال سانحاً وتجربة الإمارات بتفاصيلها وأبعادها متاحة للعرب للاقتداء بها، بعيداً عن فلسفات الهزائم والشعارات الفضفاضة، فلا تتأخروا أكثر.

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here