تقارير

ديون الخبرة

المصدر

صفية الشحي

يشير علماء السيكولوجيا إلى أن طبيعتنا البشرية تدفعنا للقيام بالخيارات الأسهل وتجنب الأصعب، الأمر الذي قد يكون له تبعات على محصلة قراراتنا في المستقبل، مما يشكل ما يعرف بـ «ديون الخبرة»، المصطلح الذي تمثله منهجيات الشركات التي تفضل القيام بخيارات يتم فيها استبعاد الحلول التي تحتاج إلى اجتهاد واستمرارية ومتابعة، مقارنة بتلك التي تنتج عنها أرباح سهلة أو معالجة أسهل للمشاكل، وتمثل أزمة كورونا إحدى الحالات التي يمكن دراسة سلوكيات قطاع الأعمال من خلالها، حيث فضلت الكثير من المؤسسات تسريح موظفيها، أو قطع الموازنات عن بعض الأقسام مثل التدريب والتسويق، أو إحلال العامل الآلي والرقمي محل البشري، كرد فعل سريع للأزمة الاقتصادية الناتجة عن الجائحة.
لقد منحتنا التكنولوجيا الكثير من الأدوات مثل وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق التفاعل الاجتماعي على مدار الساعة، وتكنولوجيا التعرف على الوجوه لقياس مستويات السعادة والرضا، وأدوات تحليل البيانات لتقريب المفاهيم ودراسة أحوال السوق، لكن كل ذلك عرضنا لقطيعة أكبر مع أنفسنا، والمزيد من التحزب الفكري والعاطفي، والكثير من الانحياز لمناطق شائكة في تاريخنا البشري مثل اللون والعرق والمذهب والدين، ورغم ذلك تصر الكثير من الشركات وخصوصاً تلك العابرة للقارات على الأتمتة والرقمنة كحلول نهائية ومختصرة لكل مشاكل الكون، مما يفاقم من «ديون الخبرة».
في دراسة استمرت لأربع سنوات أجرتها «ديتلويت» لفهم الآليات التي يمكن أن تتبعها الشركات للارتقاء بالتجربة الإنسانية أثناء التواصل مع موظفيها وعملائها ضمن بيئات العمل المختلفة، تم استنتاج أن نجاح تجربة الأعمال يعتمد على منهج التواصل البشري القائم على القيم المشتركة والذي يحمل «بوصلة للقيم الإنسانية» في أماكن العمل بناء على أربع قيم أساسية هي: الفضول المعرفي، التعليم، المشاركة والتعاطف، وهي العناصر التي يدفع تعزيزها إلى إيجاد ميزات أخرى عند الموظفين مثل: الاهتمام بالجوانب الإنسانية من التجربة العملية، الالتفات لاحتياجات العملاء ومحاولة إشباعها والرغبة في إحداث تغيير إيجابي في المجتمع والعالم.
يقول الكاتب الأمريكي جون ستاينبيك الحاصل على نوبل في الآداب عام ١٩٦٢ «لا يمكنك فهم الناس إلا إذا شعرت بهم في نفسك» وهي قاعدة مهم استحضارها في عالم المال والأعمال أكثر من أي وقت مضى، وذلك من خلال اتباع أسلوب نراعي فيه عاطفة البشر وتجربتهم النفسية والروحية.

safia.alshehi@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here