تقارير

الطب الذي نحتاج إليه ونرفضه

المصدر

شيماء المرزوقي

يقال بأن هناك ثلاثة أنواع من الصحة التي يحتاج إليها الإنسان، وهي الصحة الجسدية، والصحة العقلية، والصحة النفسية. ولا أعلم مدى دقة مثل هذا التوزيع، لكن الذي يعنينا في هذا السياق مفهوم الصحة وعموميتها وحاجة الإنسان لها قبل ولادته ثم في مختلف مراحل العمر من الطفولة المبكرة حتى الطفولة المتأخرة والمراهقة والشباب والنضج وصولاً إلى الشيخوخة. لذا نفهم العناية والاهتمام الذي تحظى به العلوم الصحية والطبية بصفة عامة، وأيضاً نفهم سبب الفرحة والسعادة التي تملأنا عندما نسمع خبراً طبياً عن اكتشاف علاج أو ابتكار طريقة علاجية تجنب الناس المرض مع أننا لا نعاني هذا المرض أو ذاك، لأن الصحة محور الاهتمام لكل إنسان، وهذا بديهي وطبيعي.
ومع هذا، فإن هناك جوانب غير مفهومة في مجال الصحة، أو أن الكثير من الناس يرونها بطريقة خاطئة أو بفهم غير دقيق. لعل أوضح وأصدق مثال في هذا السياق الصحة النفسية، هذا المجال العلمي القديم جداً، أرى أنه لم يأخذ حقه من الاهتمام والعناية والرعاية، وعندما أقول بأنه قديم فلأنّ محاولات فهم النفس البشرية ومختلف ما يعتريها من مشاعر وتقلبات وميول وصدمات ضاربة العمق في الزمن. بدأت ملامح محاولات فهم النفس البشرية بالكثير من الخرافات التي تمكن العلم في كل مرحلة من مراحل تطوره ونموه من دحضها وإحلال الحقيقة والمعرفة.
ورغم نمو مجال الصحة والطب النفسي وتوسّعه والإضافة إليه بالمزيد من المبتكرات والكشوف العلمية الحديثة، لم يسايره على الجانب الآخر تطور مماثل، وأقصد لم تجد علوم الطب النفسي الاحتفاء والاهتمام من الكثير من الناس في مختلف المجتمعات البشرية، بل إن البعض من الناس يحمل صورة قاتمة وضبابية عن دور الطب النفسي أو لديه قناعات بأنه مجال طبي يتوجه لفئة محددة، وهذه الصورة أو القناعة تحد من وظيفة هذا المجال الطبي، بل تمنع تعميم فائدته وتوقف انتشاره.
الأمثلة والشواهد في هذا السياق عديدة ومتنوعة، وهي مواقف توضح مواقف مسبقة عن الطب والعلاج النفسي، ومثل هذا الرفض أو النظرة الضبابية لهذا المجال العلمي المهم قد تجدها موجودة في ذهن متعلم ومن يملك قدراً لا بأس به من المعرفة، وهنا ندرك البعد الحقيقي الذي نحتاج إليه لوضع الطب النفسي في سياقه، ندرك حجم المهمة المنوطة بنا لتوعية الناس وتنمية معارفهم بحقل طبي له تأثير بالغ على تفكيرهم ويصل أثره حتى على صحتهم الجسدية وعلى قدراتهم الذاتية ومستقبلهم.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here