ثقافة

الأسئلة والسردية والتحدي !

المصدر

من أنبل الشخصيات التي عرفتها في حياتي كان الوزير الأسبق الدكتور هاشم يماني، الرجل المسؤول النزيه الغزير بعلمه والكريم بأخلاقه. حصل الرجل على أعلى الدرجات العلمية من أهم الجامعات في العالم وتخصص بقوة في علوم الفيزياء. ولقد حضرت للرجل ذات يوم محاضرة قيمة من أهم المحاضرات. كان موضوع المحاضرة هو عن: «أهمية السؤال» وفيها يقول الدكتور هاشم يماني إنه في معظم الأحيان قد يكون السؤال أهم من الإجابة. ويستشهد بذلك بما حصل له في الصف الرابع ابتدائي في درس المطالعة عندما قرأ في الموضوع عن قطعة سكر وضعها القرد في النهر واختفت قطعة السكر. وظل يسأل الطفل هاشم يماني نفسه أين اختفت قطعة السكر؟ حتى عرف أنها ذابت علميا وكان ذلك مفتاح دخوله إلى أبواب العلم. مع الانفتاح العلمي والمعرفي الكبير وكسر الاحتكار الحصري للحقيقة في أيدي نخبة منتقاة، وبعد أن مكنت التقنية الحديثة كل مريد وباحث للحق والحقيقة والعلم والمعرفة من الغوص في أعماق بحار العلوم والمعارف والتعلم بنفسه وعقله وليس ما يملى عليه وإيهامه بأنه الحقيقة الوحيدة والسردية المعتمدة للرواية التاريخية. فاليوم هناك تقنية بحث مذهلة تتيح لك الحصول على كافة الإجابات المحتملة لكل الأسئلة الدينية والتاريخية. جيلا بعد جيل يكتشف الناس حجم ما كانوا يجهلونه وهنا يبدأ اتساع الأفق وعمق المعرفة وتغير الفكر. وما ينطبق على السؤال المعرفي وأثر التقنية عليه ينطبق أيضا على السردية التاريخية للروايات، فاليوم تقدم علم الDNA أو الشفرة الوراثية، وكذلك أيضا علم الآثار الدقيق الذي بإمكانه عبر تقنيات حديثة ومتطورة جدا معرفة وقياس «عمر» كل اكتشاف أثري وبالتالي سيكون من «المتوقع» أن تكون هناك مطابقة مقنعة وعلمية للآثار المكتشفة مع السردية التاريخية، وإذا لم تتم مطابقتها تتحول السردية إلى أسطورة في أحسن تقدير. كل السرديات والأسئلة ستواجه تحديات علمية جديدة لم تعتد عليها وكل ما أخشاه أننا لسنا جاهزين لذلك.

عن مصدر الخبر

المصدر

سعورس

Ads Here