خالد العوض: صوت الشعر الغنائي
منذ الشعر الجاهلي وحتى وقتنا هذا والشعر العربي موصوف بأنه شعر صالح للغناء، لكن مع الوقت أصبح لدينا فن من فنون الشعر سمي بالشعر الغنائي، أو ما يسمى أحياناً الشعر الوجداني.
الشعر الغنائي لا يقل جودة في البناء عن أنواع الشعر الأخرى -بعيداً عن الأغنية الهابطة طبعاً- بل إنه يتميز بسهولة التناول ومسموع ومحفوظ بشكل أكبر.
وكما يقول محمود شاكر «يُكتب الشعر الغنائي بالأساس لكي يُلحن ويُغنى؛ أي أن كاتبه يمنح مساحات ضمنية لموسيقى قادمة، ويلون من مقاطعه وألفاظه، ليمنح للملحن والمغني فرصة الإضافة والتعبير والأداء، وبذلك يمكن أن نعتبر أن الشعر هنا ملهم للموسيقى، هذه هي القاعدة العامة، وإن كانت هناك استثناءات حدث فيها العكس، حيث يقوم الشاعر بوضع كلمات على موسيقى سابقة».
هناك أسماء كثيرة في الخليج العربي كتبت الشعر الغنائي وبرعت في هذا الفن الشعري؛ مثل بدر بن عبدالمحسن وثريا قابل وفائق عبدالجليل وعبداللطيف البناي وتركي عبدالرحمن وغيرهم الكثير، كان الشعر الغنائي هو الفن الرئيسي من فنون الشعر التي منحوها حيزاً كبيراً من موهبتهم الشعرية واهتمامهم.
هنا أود الحديث عن الشاعر الغنائي الجميل خالد العوض؛ الذي أعاد للشعر الغنائي بريقه من حيث كتابة النص الغنائي الذي يحقق الوجدانية المطلوبة والجملة المحفوظة وسهولة التناول، والذي يحقق ديمومة النص أو الأغنية وليس مجرد تحقيق الانتشار المؤقت أو ما يطلق عليه حالياً (ترند).
أتذكر في أثناء أزمة كورونا تداول الناس أغنية راشد الماجد (اللي وله عليك شيسوي) حتى أصبحت عبارة دارجة بين الناس والتي يقول فيها:
«واللي وله عليك شيسوي. واللي ذبحه الشوق شيسوي. ما غير اطالع في صورنا بس. شوفٍ بليا ذوق ما يروي. اسهر انا والليل في غيابك. من غير مدري اوصل لبابك».
كانت تعبر تعبيراً حقيقاً عن مشاعر لازمت الكثير في تلك الفترة الزمنية وكان الشعر الغنائي (عبر هذا النص) صوتاً حقيقياً معبراً أجاد خالد العوض في اقتناصه.
وحين كتب لعبادي الجوهر (فيني حنين) استطاع أن ينغمس في مشاعر الشوق والحنين بشكل أخاذ ووجداني لافت والتي يقول في مطلعها:
«فيني حنين
ياهو حنين ما مر قلوب العاشقين
مشتاق وبقلبي كلام وعيوني عيت لا تنام
وينك تعبت اسأل عليك وأشم عطرك في فضاي
مصيبه لو عطرك يكون اوفى من احساسك معاي».
يطول الحديث عن خالد العوض وسرد نماذج من شعره ويستطيع القارئ الكريم العودة لقصائده المغناة ليعرف قيمة هذا الشاعر في كتابة الشعر الغنائي والتعبير الوجداني الصادق، والتي لا يتسع المجال هنا لسردها.
ما دعاني للكتابة هنا هو مجرد محاولة لمنح القارئ الكريم فرصة الاطلاع أولاً على فن من فنون الشعر قد ينظر له البعض كفن لا يستحق الدراسة، بينما هو فن أصيل ممتد بامتداد تاريخ الشعر العربي وثانياً الاطلاع على تجربة (حقيقية) لشاعر مبدع بحجم خالد العوض.