أرشيف

مسيرة الشورى تتجدد في عهد التطوير والإصلاح

المصدر

اليوم يسطر التاريخ بأحرف من نور فصلًا جديدًا في سيرة المملكة العربية السعودية المطعمة بآيات الفخر، والضاربة بجذورها في أرض المجد والسؤدد، ويكتب سطورًا عطرة في تاريخها وهي تبتدر السنة الأولى في الدورة الثامنة لمجلس الشورى الذي يحقق إنجازات متعددة وينقل نبض المواطن لقيادته، ويعكس تطلعاتهم ويوضح رغباتهم، ويراقب سير الأجهزة والمؤسسات التنفيذية ويعينها على تجويد أدائها وتنفيذ تطلعات القيادة وطموحاتها لخدمة هذا الشعب الكريم.
اليوم يتشرف أعضاء المجلس بلقاء ربان السفينة وقائد البلاد وحادي الركب، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – ليرسم لهم ملامح السياسات العامة للبلاد، ويعلن بدء الدورة الثامنة من عمر المجلس، في هذا التوقيت الحساس البالغ الأهمية لبلاد الحرمين التي تسير على هدي رؤية المملكة 2030 التي يقودها باقتدار سمو ولي العهد الأمين وستنتقل باإذن الله من نجاح إلى نجاح، وتحقق الإنجاز تلو الآخر.
لذلك فإن أمام أعضاء المجلس فرصة ذهبية للاستزادة من رصيد الخبرة الضخم المتراكم لدى قائد المسيرة، والاستنارة برؤيته السديدة، والاستفادة من حكمته البالغة، ورؤيته الثاقبة حول جميع القضايا، لمعرفة تفاصيل السياسة السعودية، مما يعينهم على تحويل تلك الرؤية إلى أفعال، ويسهل عليهم الانطلاق في أداء عملهم. وقد اعتادت إدارة المجلس على اتخاذ هذا الخطاب الملكي كمرجعية ودليل يعين الأعضاء على رسم الخطط المستقبلية.
وتقتضي أمانة التكليف من جميع أعضاء المجلس الحرص على تحويل المضامين الكريمة التي سيحملها خطاب الملك رعاه الله إلى خارطة طريق واضحة المعالم، واستحضارها دومًا أمام نواظرهم، والعمل على تطبيقها فعليا لترجمة توجيهات القيادة وآمال الشعب، لا سيما أنها تتعلق بخدمة المواطنين وتنفيذ تطلعاتهم، وتهيئة أجواء الإبداع أمام الشباب وتوفير فرص العمل المناسبة لهم، وتحفيزهم على القيام بمهمة النهوض الاقتصادي للوطن في مختلف المجالات.
وقد اعتاد ملوك هذه البلاد منذ تأسيس المجلس على مخاطبة أعضائه عند بداية كل سنة شورية، رغم تعاظم المسؤوليات وتعدد المشغوليات وازدحام برامج العمل، إيمانًا منهم بأهمية وظيفته التشريعية، وحرصا على دفع مسيرته، ورغبة في تفعيل دوره وزيادة تأثيره، وهو ما مثَّل حافزا لأعضاء المجالس المتعاقبة ودفعهم إلى التجويد والتفاني وبذل الجهد.
هناك أيضًا العديد من الأهداف، التي وضعتها القيادة الكريمة نصب أعينها، مثل محاربة الإرهاب واستئصال الفساد ومواصلة التنمية وتحقيق الرفاهية وغيرها. وإنزال هذه الأهداف على أرض الواقع يتطلب دون شك تفعيل الرقابة الحكومية، ومراقبة أوجه صرف المال العام، وترشيد الإنفاق الحكومي، والتشدد في مراقبة واستلام المشاريع الحكومية، وهو ما يستلزم من الزملاء والزميلات أعضاء المجلس الكرام بذل المزيد من الجهد والتفاني.
إن كان من مساحة للحديث عن مشاعر شخصية فالحق أنني أشعر بالزهو ويملأ الفخر دواخلي بأن كنت من الذين حصلوا على شرف التجديد لدورة جديدة من عمر المجلس، وممن ترى القيادة الحكيمة أنهم أهل لهذا الشرف الرفيع، وتظن فيهم خيرًا، وتمنحهم الفرصة لمواصلة خدمة هذا الوطن الكريم الذي منحنا كل أسباب الفخر والاعتزاز، وإن كنت أتشرف بالعمل مع الكوكبة الجديدة من الأعضاء الذين هم من أصحاب الكفاءات العالية، فإنني في ذات الوقت أعتز بعملي مع الذين انتهت فترة عملهم في المجلس من أعضاء الدورة المنقضية وهؤلاء حتمًا سوف ينتقلون إلى خدمة بلادنا من مواقع جديدة، متمنيًا لهم التوفيق في مسيرتهم وأعمالهم.
بلادنا بحمد الله واسعة شاسعة، منحها الله مكانة فريدة وشرفا رفيعا واختصها بما لم يختص به سواها عندما جعلها حاضنة الحرمين الشريفين وأرض الإسلام، وأنعم عليها بقيادة واعية حكيمة تسعى وراء رفعة شأن بلادها ولا تدخر وسعًا في سبيل ذلك. وأكرمها بشعب نبيل وفي يعرف قدر ولاة أمره ويقف معهم في خندق واحد، يبادلهم الحب ويدين لهم بالولاء والطاعة، وهو شعب لا حد لسقف طموحاته المشروعة التي تلامس سقف السماء، وبلاد بمثل هذه الصفات والقدرات لا ينبغي أن يكون مكانها إلا في المقدمة والصدارة.
كلي ثقة بإذن الله في أن تواصل الدورة الحالية مسيرة التميز التي عرف بها المجلس منذ تأسيسه، وأن يضع الأعضاء الكرام نصب أعينهم أن مهمتهم الرئيسية تكمن في عكس نبض مجتمعاتهم ونقل أصواتهم ، واستكمال النهضة التشريعية المتميزة التي تشهدها المملكة، والتي ترمي إلى حوكمة الأداء، وفق ما نادت به الرؤية، وهي أدوار تدركها رئاسة المجلس وأعضاؤه ويعلمون جيدًا كيفية تحقيقها. وسوف تسهّل قيادة المجلس علي وبقية الزملاء والزميلات من الكوكبة الجديدة التي تتشرف للمرة الأولى بالعمل تحت قبة المجلس، وستساعد الأعضاء على أداء أعمالهم، بما تتمتع به من حكمة وروية ونظرة ثاقبة، ورغبة أصيلة في تطور أعمال هذا المجلس بشكل منهجي بما يسمح له أداء أدوار أكثر وصلاحيات أوسع تتسق في المجال مع تطور العمل الحكومي والفكر الإداري والرقابي على وجه الخصوص. ومما يمتاز به مجلس الشورى السعودي عدم وجود متلازمة التعارض مع السلطة التنفيذية لدى أعضائه، ففي بعض الدول يشعر كثير من النواب أن مهمتهم في الأصل تكمن في معاداة الوزراء وانتقاد قراراتهم والبحث عن مواطن إخفاقاتهم، والتربص بالأخطاء وتضخيمها، ويتصورون أن وجود أجواء توافقية يعني فشلهم في أداء مهامهم، وهذا مفهوم مظلم، وقد أثبت المجلس خلال دوراته السبع الماضية قدرته على التعبير عن رغبات المجتمع، ومراقبة أداء الوزراء والمسؤولين، وصياغة القوانين، بما يكفل المصالح العامة، ويحقق الآمال والتطلعات.
Next Page >

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here