أرشيف

فريدة

المصدر

عندما تغلق الأبواب دوني وتحاصرني مشاكل الحياة، أهرع إلى السوق أتجول فيه سيراً على الأقدام حتى يهدني التعب وينهكني الإجهاد، فيذهب بقدرة الله ما في نفسي من ضيق، وكثير ما تؤتي هذه الطريقة ثمارها معي، فبالسير ينشط الذهن وشيئاً فشيئاً يمكن التغلب على عقبات الحياة.
هذه المرة أجدني فرغت من تجوالي في السوق وتحقق مآربي، فعقدت العزم على الإياب إلى المنزل، وكانت المفاجأة حين لم أجد سيارتي، بحثت عنها هنا وهناك، ونقبت في المواقف والطرقات دون جدوى، فتملكني خوف وفزع جعلني أتخبط في السوق على غير هدى، أحياناً أكلم نفسي، ومما يصعد الأمر ويزيده سوءاً نسياني التام أين أوقفتها ساعة قدومي إلى هنا.
تقدمت إلى رجل المرور لعلي أجد عنده ما يطمئنني فهو أملي المتبقي، مع أنني لم أعتد الوقوف في الأماكن الممنوعة. ولكن قد يكون تزاحم المشاكل في رأسي أوقعني في تلك الأماكن المحظورة سهواً.
وجاء تأكيد رجل المرور على ذلك الأمل حين أخبرني أن من دأب المرور في أسبوعه السنوي الاقتصار على الإرشاد دون تطبيق المخالفات، فأيقنت سرقتها إذ لا احتمال غيره.
أخذت أراجع وقت حضوري إلى السوق كالغريق الذي يمسك بأي شيء أمامه في محاولة للخلاص، فلم أهتد إلى شيء، رجلاي تكادان لا تحملاني من هول ما أنا فيه، تمنيت الأمر رؤيا منامية لكنها حقيقة.
نصحني بعض من ألم بحالتي أن أبلغ السلطات فوراً، فوافقته على تردد، الأفكار تلهب رأسي والهواجس تخنق الأمل في نفسي.
ذرعت السوق جيئة وذهاباً أنقب وأبحث بعيون زائغة ولب مأخوذ، شفاهي ملتصقة وقلبي يخفق بشدة، وبعد يأس انقلبت أنشد سيارة أجرة تقلني إلى مركز الشرطة، وما أن قذفت بجسمي المنهك داخلها، وأحكمت غلق بابها حتى ندت عني ضحكة غريبة، التفت على إثرها السائق مستغرباً تعلو محياه حشد من الأسئلة، وقال:
-أتضحك وأنت في هذه الحالة؟
فأجبته فائلاً:
-لقد تذكرت شيئاً طريفاً.
اعتدل في جلسته وقد شاهد على وجهي تغيراً ملحوظاً، وقبل انطلاقه بالسيارة سألته:
-إلى أين؟
التفت نحوي بريبة متحفظاً بالباقي من هدوئه واتزانه وصاح:
-إلى الشرطة طبعاً!!
فرجوته بلطف وأنا أكتم ضحكتي:
-لا.. بل إلى البيت لو سمحت.
ركز نظره على مقود السيارة، وهو يستمع إلى أوصاف الطريق المؤدية إلى منزلي، وهناك ألفيت سيارتي جاثمة أمامه.

فهد المصبّح – السعودية

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here