أرشيف

بـاب

المصدر

كنت أشعر بهم، بأنفاسهم، بدقات قلوبهم، لا أملك من وقفتي الأزلية إلا مراقبتهم حين يدخلون وحين يخرجون، علاقتي بالجرس فقط الذي يشعرني بقدوم زائر، أتفرس في وجهه أو وجهها هنيهة ثم لا أشعر بعد هذا الطارق إلا بمن يشرعني لاستقبال القادم، أنا ممر أراقب الداخل والخارج بصمت، لا يصدر مني إلا الصرير، الأطفال هم الذين يسببون لي الأذى في مفاصلي، كان من المستحيل إغلاقي بلطف من قبلهم.
خارج المنزل نبتت شجرتان ولهما أوراق تثمر ظلاً، وكأنهما تزينان الطريق للقادمين، لكن خلافاً كان ينشأ مما يستدعي تقليم الأغصان، بل وصلت المطالبة بإزالتهما رغم الجمال الذي يملأ المكان. مئات المرات شاهدتهم يعبرون من خلالي، الآباء الأجداد الأبناء، والآن الأحفاد، كنت في سابق الوقت بوابة عريضة تسمح للسيارة بالعبور إلى الداخل، عرفت أن تلك كانت تلبية لسيدة البيت، لم يكن بالإمكان دخول السيارة، أحد الأصدقاء نصح بإنشاء أربع درجات، وكانت أضحوكة، ثم أعيد إلي اعتباري وأصبحت باباً واحداً مستقلاً.
حين غادروا البيت، افتقدت نزقهم، شغبهم الذي لا يتوقف، كذبهم البريء، والذي أدركه، ثم أصمت، أصيخ إلى بطولات مفتعلة، تشبه العائلة، هم مرآتهم التي يرون فيها أنفسهم، بحزنهم بتناقضهم، بكذبهم الموارب، بصدقهم الفج، لأنه ليس حقيقياً ولا طاهراً، هو صدق ظاهري.
غادروا جميعاً، لم يتبقَ إلا فتاة وحيدة وكانت آخر العنقود تملأ البيت بهجة وضجيجاً.
بقيت والأم والأب والوحدة القاتلة لنا جميعاً، الآخرون بنوا منازل جديدة، وأبواباً متعددة.
لا أستطيع أن أرى أبواب منازلهم، وهل زرعوا أشجاراً خارجها؟

محمد علوان – الرياض

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here