أرشيف

بعد 20 عاما مَن الفنانون الغنائيون

المصدر

المقال صدمني به أحد القراء، إذ يقول حاليًا لدينا كمية من الفنانين الغنائيين الذين نتباهى بهم أمام العالم العربي بأكمله، إن لم يكن بعضهم قد بثت أغانيه في بعض «الأوبرات» حول العالم، لكن بعد 20 عامًا مَنْ سيكون الفنانون الغنائيون لدينا؟
لحظة السؤال تبادر إلى ذهني مهندس صوتي «مصري» كنت أعمل بالقرب منه في إحدى إستديوهات التسجيلات الصوتية، وكان تشغيل ذلك الإستديو بنسبة %100 من قبل «أصحاب الشيلات»، وكان يقول لي: «أتعلم أن أول ما يسأل عنه مَن يأتي إلى هذا الإستديو هو نوعيات فلاتر الـ«Auto tune» التي نستخدمها في الإستديو، ولتوضيح الصورة فإن فلاتر «Auto tune» التي تستخدمها الإستديوهات في الشيلات، مثل فلاتر «السناب الشات»، وغيرها التي تستخدم لتحسين الصورة الأصلية، وهذا دليل على أن الصورة الأصليه «زفت»، ومثلها أصوات هؤلاء المنشدين الذين يسألون أولا عن الفلاتر التي تحسن الصوت الأصلي.
المهم أن صاحبنا «المصري» رجع إلى تاريخ الفن في هذه المنطقة الكاملة، والتي مساحتها تقارب نصف مساحة مصر، وبعد البحوثات والتمحيص، لم أجد سوى اثنين من الفنانين الشعبيين، هما من يعرفان الفن الغنائي وطبقات الصوت، وأنواع الموسيقى، ولديهما ملكة الطرب الأصيل، وللأسف فإن أعماريهما حاليًا تقارب الـ60 عامًا، وهذا يعني أن مصنع الفنانين لديكم «عطلان».
حاليًا نحن نتابع «دار الأوبرا المصرية» و«اللبنانية»، وإن تم حرقها، وحتى «الكويتية»، و«العمانية»، وتم الإعلان عن إنشاء دار الأوبرا «السعودية»، ولكن هل نحتاج إلى الأوبرا فقط ليخرج جيل كجيل «طلال مداح»، و«محمد عبده»، و«محمد عمر»، و«علي عبدالكريم»، ومَن في جيلهم، والذين نستمع لأغانيهم حتى يومنا هذا وكأنها غنيت اليوم هذا وهذه الساعة، لما لها من جمال لم يرتبط بالزمان والمكان، فأغنية «راح الشتاء وجانا شتاء»، مثلا، لعلي عبدالكريم تجعلك تشعر بلسعات الشتاء حتى وإن كنت في الصيف، لقد خرجوا بلا أية مقومات سوى أذن تفرق بين الفن الذي تطرب له الروح وبين «الأهازيج الراقصة»؛ ولأن الروح غير مرتبطة بزمان أو مكان، فكانت كذلك أغانيهم.
إن ما وصل إليه الجيل الحالي من عدم تذوق للموسيقى الطربية، و«عطل المصنع» الذي يخرج هامات فنية كانت أشرطتها الفنية تملأ إستديوهات المملكة، ينذر ببقاء «الفن السفري»، الذي هو أشبه بـ«الأكواب السفرية»، و«السفرة السفرية» التي ترمى في مكب النفايات بعد أول استخدام لها، وهذا ما نلاحظه في أغلب فنون الفنانين الغنائيين هذه الأيام، سواء أطلق عليهم «أصحاب شيلات» أو أطلق عليهم «فنانين غنائيين»، المهم أن الفن حاليًا لدينا رغم اتصال الشرق بالغرب إلا أننا لم نجد من الأجيال الشابه حتى الآن من نعتقد أننا سنستمع إليه حتى بعد 20 عامًا؛ لأنه بدأ بداية فنية حقيقية، وهذا يعيد نفس سؤال «القارئ العزيز»: «بعد 20 عامًا مَنْ سيكونون الفنانون الغنائيون؟».
Next Page >

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here