أرشيف

انزياح المركزية الغربية

المصدر

الكتاب: انزياح المركزية الغربية
المؤلف: توماس بريسون
المترجم: الدكتور جان ماجد جبور
الناشر: مؤسسة الفكر العربي، القاهرة، 2020
يخصص الكتاب فصوله لنقد الحداثة لدى المثقفين الصينيين والعرب والهنود في مرحلة ما بعد الاستعمار، كما أن الكتاب يعالج مسألة استمرار المركزية السياسية والفكرية للغرب.
ويتساءل الكاتب في المقدمة: كيف يحصل أنه بعد عقودٍ عدة من نهاية الإمبراطوريات الاستعمارية، لا يزال عالمنا يعتمد على المعارف التي تم تعميمها أصلاً لترسيخ أقدام الفتوحات الإمبريالية؟ لماذا لم يترافق إنهاء الاستعمار السياسي مع إنهاء الاستعمار العلمي، مما يسهم مجدداً في تعدد مراكز إشعاع عالم الفكر؟ ويرى أن الإجابة عن هذه الأسئلة، تمت من خلال إطلاق أطر بحثية أبستمولوجية وسياسية عدة، من بينها: (الكونفوشيوسية الجديدة)، التي بدأت مع مطلع القرن العشرين في آسيا، ثم أُعيد إحياؤها عند منعطف السبعينات والثمانينات من قبل باحثين أمريكيين ينحدرون من أصول صينية، و(دراسات ما بعد الكولونيالية)، وهي ثمرة التعاون بين مفكرين عرب وهنود يعملون كذلك في جامعات أمريكا الشمالية.
ويشير الكاتب إلى أن العديد من الباحثين الهنود قد طرحوا منذ نهاية السبعينات من القرن الماضي، أُسُس تفكير نقدي، تأريخي ونظري، حول إرث الحداثة الغربية، مُسلطين الضوء على التباس الفضاء المفاهيمي الذي وضعه الاستعمار بين أيدي الهنود، للتفكير في واقع خضوعهم للهيمنة.
تمحورت عمليات التفكير هذه حول مشروع تفكيك هذه الهيمنة بالذات، من خلال رفض ادعاءات الغرب بمشروعيته العالمية. لافتاً إلى أن مسألة العلاقة بين الهيمنة السياسية والهيمنة الفكرية قد طُرِحت في الوقت نفسه من قبل مثقفين عرب أثناء النقاش الذي دار حول الاستشراق، والذي انطلق مع صدور كتاب إدوارد سعيد الذي حمل العنوان نفسه: (الاستشراق). وقد اتجهت عمليات تفكير المثقفين الهنود والعرب نحو السعي لإيجاد طرائق معرفية متعددة خارج أطر الغرب، وتلاقت بدءاً من ثمانينات القرن الماضي، وذلك بفضل التحاق هؤلاء للعمل في الجامعات الأنجلوسكسونية وانتشار نصوصهم (المكتوبة باللغة الإنجليزية)، مما أعطى لنقدهم بُعداً عالمياً.
ينقسم الكتاب إلى جزءين: أما الجزء الأول فجاء تحت عنوان (الكونفوشيوسية الجديدة، حداثة آسيوية في أمريكا)، ويتضمن ثلاثة فصول، يتحدث الكاتب في الفصل الأول عن أصول الكونفوشيوسية الأمريكية وكيفية انهيار وإعادة بناء الكونفوشيوسية في العصر الحديث، فيما يتوقف في الفصل الثاني عند الكونفوشيوسية والحداثة الآسيوية والتغييرات الاجتماعية، أما في الفصل الثالث فيتطرق إلى حقوق الإنسان باعتبارها نقطة تحول سياسية للكونفوشيوسية الجديدة.
بالنسبة إلى الجزء الثاني الذي حمل عنوان (نظرة جديدة على العوالِم غير الغربية.. مثقفون عرب وهنود في الولايات المتحدة)؛ فيتضمن فصلاً حول الاستمرارية والقطيعة في النقد العربي، ويتناول كتاب الاستشراق لإدوارد سعيد، إضافة إلى فصل أخير يرصد (دراسات التابع) الهندية و(المنعطف السعيدي) ومشروعات التأريخ البديلة.
من هنا، فإن الكتاب هو أكثر من مجرد رسم خريطة للأفكار التي تكونت في مرحلة ما بعد الاستعمار، بل هو يقترح إحاطة سوسيولوجية بالمفكرين الرئيسين لهذه الحقبة، ويبين بشكلٍ خاص تأثير المنفى في نتاجهم الفكري.
تجدر الإشارة إلى أن توماسبريسون هو أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس الثامنة، وباحث في (مركز البحوث الاجتماعية والسياسية في باريس) (Cresppa)، وفي (البيت الفرنسي-الياباني) (CNRS-Tokyo). له العديد من المؤلفات، من بينها: (المثقفون العرب في فرنسا.. هجرات وتبادلات فكرية). أما جان ماجد جبور فهو أستاذ في الجامعة اللبنانية، باحث ومترجم. له مؤلفات عدة، فضلاً عن عدد من الكتب المترجمة، منها: (عندما يُعيد الجنوب اختراع العالم) لبرتران بادي.

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here