تقارير

الحل المستحيل في كاراباخ

المصدر

صادق ناشر

ظلت الأزمة بين أرمينيا وأذربيجان مشتعلة حتى في ظل الهدنة المؤقتة التي منعت استمرار الحرب التي دارت بين الجانبين عام 2016، لكنها عادت مؤخراً بشكل أكثر قوة، حيث أدت المواجهات التي تدور حول إقليم ناجورنو كاراباخ منذ ما يقرب من أسبوعين، إلى سقوط المئات من القتلى والجرحى في تصعيد هو الأعنف بين البلدين، اللذين يتقاسمان الحدود.

تبادل البلدان الاتهامات بمهاجمة مناطق مدنية، وبالحصول على دعم خارجي من دول تقف مع هذا الطرف وأخرى تقف مع الطرف الآخر، وتطورت المواجهات إلى استخدام مختلف أنواع الأسلحة، وهو مؤشر على أن الجانبين يرفضان الاستجابة إلى صوت العقل بوقف الحرب، خاصة أن الأبرياء هم من يدفعون ثمن الصراع، فأذربيجان تقول إن مدناً فيها خارج ناجورنو كاراباخ، تعرضت للقصف ما قرب المعارك من منطقة تمر فيها خطوط أنابيب تحمل النفط والغاز منها إلى أوروبا، وطالبت أرمينيا بسحب قواتها من كاراباخ والأراضي الأذرية المجاورة ليتسنى وقف القتال، فيما ترى أرمينيا أن أذربيجان هي من بدأت بإشعال الحرب، وتحصل على دعم عسكري وسياسي من تركيا.

وعلى الرغم من أن الأبرياء في البلدين يدفعون فاتورة المواجهات، إلا أن قادتهما يرفضون الدعوات والمناشدات لوقف إطلاق النار، التي صدرت من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، وهي الدول الثلاث التي تقود جهود الوساطة لوقف الحرب والعودة إلى مسار السلام.

الحرب المشتعلة حول ناجورنو كاراباخ، وهو جيب جبلي تابع لأذربيجان بموجب القانون الدولي لكن يسكنه ويحكمه منحدرون من أصل أرميني، تفاقم أزمة الصراع في منطقة القوقاز، وتزيد المخاوف الدولية من أن تؤدي إلى تورط قوى إقليمية أخرى فيها، خاصة بعد أن أبدت تركيا تضامنها مع أذربيجان، وأعلنت بوضوح دعمها لها، انطلاقاً من عدائها التاريخي مع أرمينيا، حيث تتهمها الأخيرة بالتسبب في مذبحة جماعية تصل إلى مليون ونصف المليون شخص عام 1915، فيما تدخل أرمينيا في معاهدة عسكرية مع روسيا.

ويمكن فهم موقف أرمينيا من تركيا وحساسية تدخلها في الصراع بوقوفها إلى جانب أذربيجان، من خلال تصريحات أدلى بها رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشنينيان، الذي يتهمها بالتخطيط لتكرار ما أقدمت عليه من مذابح جماعية مطلع القرن الماضي، خاصة في ظل الموقف المؤيد الصريح من قبل تركيا لأذربيجان، وإرسال المئات من المرتزقة للقتال إلى جانب القوات الأذرية.

ورغم التحركات من قبل القوى العالمية الكبرى لوقف الصراع في ناجورنو كاراباخ، إلا أن آفاق الحل لا تزال بعيدة، فهناك قوى إقليمية تغذي الصراع وترى أن من مصلحتها استمراره، للتمويه على أوضاعها الداخلية وأزماتها الاقتصادية، الأمر الذي يطيل أمد الحرب ويزيد المنطقة اشتعالاً.

Sadeqnasher8@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here