أنا والعمر ومُناي

تم النشر منذ يناير 28, 2021

مصدر الخبر / admin

مبارك مزيد المعوشرجي

ولي رأي

أنا والعمر ومُناي

ما إن يتزوج الرجل حتى يتحوّل إلى آلة إنتاج ليوفّر لأبنائه وبناته حياة سعيدة، وينسى نفسه في سبيل هذا الهدف السامي، وما إن يصل إلى سن الأربعين، حتى يبدأ يفكر كيف يؤمّن مستقبل أبنائه وبناته.

وعندما يفيق من هذا الجهاد يحس بأن العمر قد مضى فيحاول العودة إلى ما كان، فيصبغ الشارب الأبيض ويخفّف اللحية ما استطاع ويسمع الأغاني القديمة، ليتذكّر ما فات، ولكن – وللأسف – فإن الزمان لا يقف ولا يعود إلى الخلف، فتهاجمه الشيخوخة وينشغل عنه من شُغل بمستقبلهم عن نفسه، فلا طلباته تتحقق ولا أسئلته تُجاب، فيبدأ الالتصاق بالأحفاد وملاعبتهم.

إيران لا يمكن أن تتغيّر

اقتحام المجلس قضيّة أمنيّة

ويبدو أني وصلت إلى هذه المرحلة من العمر، وها أنا ألتصق بمُناي آخر العنقود من الأحفاد وأخفهم دماً، ولديها ذكاء يفوق عمرها بكثير، فكأنها تستغل حبي الزائد لها للتحكم بي، وطلب كل ما يَمنع عنها والديها من حلويات وشوكولاته، وإذا رفضتُ تبدأ في جدال طويل مستخدمةً يديها وشفتيها وعينيها مهددة بالزعل والذهاب إلى بيت جدها لأمها.

وأشد ما يغيظني عندما تسرق الهاتف مني وتطالبني بإسماعها أغاني تحبها، أو تسألني مَنْ هذا وماذا يقول وأحيانا تغنّي إذا كانت مسرورة لا بل وترقص، وهنا تكون أسعد لحظات حياتي.

وإذا جالستني على وجبة أكل – وهي تحرص على ذلك – تبدأ بالسؤال ما اسم هذه وما طعم هذه أو برِّد لي قطعة اللحم أو أكلني قطعة الحلوى، وما أن تنتهي هذه المسرحية الجميلة، حتى تلعب دور الممرضة، فتُمسك بيدها اليسرى الأدوية وكأس الماء باليد اليمنى حبة حبة، وأحس أن المرض ابتعد لا من الدواء لكن من بسمتها الحلوه وإتقانها دور الممرضة، وصدق مَنْ قال ما أعز من الولَد إلا وِلد الوَلد. حفظ الله مُناي وأحفادي جميعاً وجعلهم أبراراً بوالديهم.

أخبار ذات صلة