أرشيف

وزارة المباني والتعليم

المصدر

في مقال صادر بهذه الزاوية قبل «كم يوم» بعنوان «الأثاث أم الطالب يا وزارة التعليم»، كان الحديث عن طالبة من مستفيدي الضمان الاجتماعي ستحرم هذا الفصل المقبل من إكمال دراستها العليا في أحد برامج الماجستير المدفوع لعدم توفر 9 آلاف ريال لديها، وكيف أن إدارة الجامعة لم تلق لحال تلك الطالبة رغم أن معدلاتها في البكالوريوس والماجستير تقارب الـ5 من 5، ونطالب الوزارة ببيع بعض أثاث هذه الجامعة، والذي لم يستخدم منذ أعوام، فكانت هناك ردود فعل مستهجنة مثل تغريدة للطبيب وكاتب الرأي د. جاسر الحربش الذي قال «مقدمة مرعبة لما ينتظر المتميزين والموهوبين من شبابنا بعد خصخصة التعليم، التعامل بالكاش أمام الطموح العلمي عيب»، وأضاف بقية الأطباء والدكاترة وكتاب الرأي ردوداً مشابهة على هذا الأمر.
فأحب أن أزيدهم من الشعر بيتاً، بأن الجامعة نفسها افتتحت الأسبوع الماضي مشاريع تعليمية (مباني) بقيمة 500 مليون ريال، ومنها مبان للسنة التحضيرية كلفت ما لا يقل عن 100 مليون ريال، وكأن الوزير لم يخرج في وقت قريب ويقول، إن هناك توجهاً لإلغاء السنة التحضيرية.
وبينما هذه المبالغ تنفق على البناء والمباني باسم مشاريع تعليمية، فإن أحد رؤساء الأقسام الطبية بهذه الجامعة، ولديه 3 براءات اختراع من أمريكا، يعلن حالياً في حسابه على «تويتر» بأنه في حاجة لتبرعات الخيرين من الناس ليكمل اللمسات الأخيرة على اختراعه الرابع، ولم يجد من الجامعة التي ينتسب لها أو الوزارة المشرفة عليها، سوى الإعراض عنه وكأنهم يقولون «لدينا مصاريف أخرى أهم من البحث العلمي والاختراع بل والتعليم بأكمله».
إذاً فالمشكلة ليست في الخصخصة، بل الحقيقة أن الجامعات لدينا تدفع ثمن ضعف كفاءة الإنفاق من الوزارة على ما يتبع لها رغم إنشاء حكومتنا الرشيدة لهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، بل وجعلت في كل قطاع تقريباً فريقاً لكفاءة الإنفاق، فهل فريق كفاءة الإنفاق بوزارة التعليم يعلم ما يحدث أم يكتفي بكلمة «الوزارة جهة إشرافية»، أليست خزينة الدولة التي خصصت ثاني أكبر تخصيص من ميزانيتها للتعليم، بناء على ما يأتيها من تخطيط الميزانية العام للإنفاق على التعليم من وزارتكم، فكانت الوزارة طوال السنوات الماضية جل همها كم مبنى ينسب للمشاريع التعليمية سيفتتح هذا العام، وأتى اليوم وأصبحت الجامعات مسؤولة عن «نفسها»، دون أي خطط سابقة أو تحضير جيد أو تخفيف الحد من وطأة هذا القرار، فأصبحت الجامعات «كالفراش المبثوث»، لا تعرف الوجهة التي أتت منها ولا إلى أين هي ذاهبة، والنتيجة حرمان المستحق للتعليم والبحث والاختراع مما يسمو إليه، بينما تضخمت وتورمت وتشققت جيوب المقاولين المنفذين لمشاريع «مباني التعليم»، والذين يتم تعميدهم لبناء مبان وكأنها ترسانات عسكرية، تستنزف الميزانية بشكل مخيف، بينما في الصين مثلاً يتم إنشاء مستشفيات كاملة ومبان بقوالب جاهزة وذات بنية قوية، ولكنها لا تستنزف ربع هذه المبالغ، ولدينا بعض مشاريع وزارة الإسكان تنفذ بهذه الطريقة وبدرجة عالية من الكفاءة، فأسوة بأنها كانت تسمى وزارة التربية والتعليم لاهتمام الوزارة بالتربية قبل التعليم، فكل الخوف أن يأتي يوم ولأنه تم الاهتمام بالمباني قبل التعليم أن يطلق عليها «وزارة المباني والتعليم».
Next Page >

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here