تقارير

ملايين أفقرتهم «كورونا»

المصدر

علي قباجه

لم تقتصر ضحايا فيروس «كورونا» على الوفيات فقط التي تجاوزت حسب ما هو معلن المليون في العالم؛ بل إن آثاره امتدت لتشمل عشرات ملايين المتأثرين اقتصادياً، الذين واجهوا حتى اليوم أو سيواجهون في الشهور المقبلة فقراً مدقعاً لا يستطيعون معه إيجاد قوت يومهم، أو حتى البقاء بمساكنهم في أمان؛ لعجزهم عن سداد قروض شراء عقاراتهم، أو الإيجارات؛ إذ أشار تقرير صادم للبنك الدولي إلى أنه بحلول عام 2021، قد يرتفع أعداد من يقعون في فخ الفقر إلى 150 مليوناً، بعدما دفع الفيروس في 2020، نحو 115 مليون شخص إلى هذه الفئة؛ حيث ارتفع معدل الفقر المدقع هذا العام، والذي يُعرّف بأنه العيش على أقل من 1.90 دولار في اليوم، لنسب مخيفة لأول مرة منذ أكثر من عقدين.

قبل بداية الجائحة، كان من المتوقع أن ينخفض معدل الفقر إلى 7.9 % هذا العام؛ لكن قد يتأثر الآن ما بين 9.1٪ و9.4٪ من سكان العالم؛ بسبب الجائحة، فآثارها المدمرة قد تخلّف قتلى يزيد عددهم على من توفي؛ من جرّاء الفيروس ذاته، فإحصاءات كثيرة تشير إلى موت الملايين جوعاً، وخصوصاً بإفريقيا قبل ظهور الفيروس؛ لكن الأرقام ستزداد حتماً؛ بعد الهزة الاقتصادية التي ألمت بالبشرية مؤخراً.

المفارقة، أنه في الوقت الذي يتأزم فيه العالم اقتصادياً، وتعاني دول عدة أزمات خانقة امتدت إلى عجزها عن إطعام جياعها الجدد، فإن الكثير من الأموال صبت في خزينة أصحاب رؤوس الأموال عالمياً. وشهد أغنى أغنياء العالم ارتفاعاً في ثرواتهم بنسبة 27.5٪ وصولاً إلى 10.2 تريليون دولار، في الفترة من إبريل/نيسان إلى يوليو/تموز الماضيين، وفقاً لتقرير صادر عن بنك «يو بي إس» السويسري. ووجد هذا التقرير أيضاً أن عدد المليارديرات في مختلف مناطق العالم زاد ليقارب 1200.

على الرغم مما سببه فيروس كورونا من إرباك، فإنه ليس الوحيد الذي يهدد البشرية وينحدر بها إلى فقر ينهش أجساد الضعفاء على امتداد العالم؛ فالمجتمع البشري متخم بالتحديات؛ من جرّاء سياسات فاشلة تحكم النظم المالية؛ إذ إن الأغنياء يزدادون غنى، والفقراء يزدادون فقراً؛ بل إن أفواجاً من الناس لا يجدون حليباً لأطفالهم، بينما تفاقم الصراعات في العالم وتغير المناخ الأوضاع المتأزمة أصلاً، وتعمل على إبطاء جهود الحد من الفقر.

المرحلة المقبلة تتطلب تضافر الجهود العالمية، والتكاتف؛ لإيجاد حلول حقيقية وجذرية لما ينتظر البشرية؛ إذ إن من الواجب على الدول وقف صراعاتها البينية، والالتفات إلى الشعوب التي تواجه مستقبلاً قاتماً، ولا بد أن تتوجه الطاقات؛ لإيجاد لقاح معتمد ل«كورونا» الذي أرجع البشرية سنوات للوراء، وحطم كيانات لعقود قادمة. الجنوح للسلم وتبديل الأولويات لمصلحة ترميم ما دُمر، أولى من الانتصار في معارك وحروب وصراعات الكل فيها خاسر لا محالة.

الأمم المتحدة، بما تمثله من بيت جامع للدول كافة، مطالبة بالضغط باتجاه توفير مقومات الحياة لمن هم تحت خط الفقر، ودعم الدول التي تعاني فشلاً، والاضطلاع بمسؤوليتها التي أُنشئت لأجلها؛ بتعزيز الاستقرار في ربوع العالم.

aliqabajah@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here