تقارير

مسؤولية جسيمة غير مستحيلة

المصدر

شيماء المرزوقي

عندما يقع بين يديك كتاب تم تأليفه قبل الألفية أو قبل الدخول المذهل لمواقع التواصل الاجتماعي في مختلف تفاصيل حياتنا، ويتحدث هذا الكتاب عن النشء، ستجده يتناول الأثر الاجتماعي، وتحديداً أثر التواصل الاجتماعي، لا تذهب بعيداً وتعتقد أن المقصود هي مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، بل المقصود تأثير الآخرين – الناس – الطبيعيين- على الطفل من خلال الكلمات ومشاهدته لتصرفاتهم وسماعه لآرائهم.
دون شك أن هذه الآلية التواصلية هي التي من خلالها يكتسب الطفل الكثير من القيم والمبادئ والأفكار خلال نموه الجسدي والعقلي، لكننا في هذا العصر المحمل بالتقنيات والتطور في مجال الاتصالات ودخولنا في حقبة الذكاء الاصطناعي، بات الحديث عن المؤثرات الاجتماعية مختلفاً تماماً عن تلك التي كانت سائدة وتحدث قبل عقد أو عقدين من الزمن، اليوم مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت بالمئات، وبين يدي أطفالنا هواتف ذكية صغيرة تخزن الكثير من الأفلام والمقاطع المصورة والمواد على مختلف أنواعها التي تصلهم باستمرار وطوال اليوم.
وهذا يعني أن العالم بمختلف الألوان والقيم والمبادئ، يصل للإنسان بغض النظر عن المرحلة العمرية التي يعيشها، لم يعد الهاجس ما يبث على مواقع التواصل الاجتماعي وحسب، بل في تلك التطبيقات التي تتزايد يومياً والتي تذهب بالعقول بعيداً، التي تؤثر فعلاً في أوقاتنا وتفاصيل حياتنا، وكأنها تعيد تنظيم الأولويات. لمعرفة البعد الحقيقي لهذا الموضوع تصفح الهاتف الذكي ليافع لم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر، ستجد أن معظم ما يحتويه جهازه الألعاب، والصور ومقاطع الفيديو، وستجد أنها مختلفة ومتنوعة وليست في مجال واحد.
نعم المؤثرات التي كان العلماء يحذرون منها قبل عدة سنوات، ويقولون إن مجتمع الطفل يجب أن يكون مثالياً وأن يتم حمايته من الاتصال بالآخرين الذين لا يحسنون التصرف ولا التعامل مع الطفولة، باتت أصواتهم وتحذيراتهم عقيمة ودون أي فائدة، لأن المجتمع لم يعد محدوداً ولا محصوراً بفئة من الناس، بل هو عامٌ وشاملٌ، أضحى هذا المجتمع العالم برمته بخير وشره، فهل لدى كل أم وأب وعي بهذه المعضلة؟ هل يملكان الحلول لمعالجتها؟ أم يحسبان أن المنع والرفض هما العلاج والوقاية؟ أدرك أن مثل هذا الموضوع لن تفي به بضع كلمات تقال في هذه المساحة، لكن من الأهمية التنبيه وإعادة الطرح، تبقى المهمة والمسؤولية جسيمة وكبيرة، لكنها غير مستحيلة.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here