ثقافة

مبدعون ونقاد: العالمية ليست في الجوائز بل في ذات الكاتب!

المصدر

تحت عنوان «الرواية الخليجية وسؤال ما بعد العالمية» أجمع العديد من المبدعين والنقاد العمانيين والسعوديين على أنّ العالمية لا يجب أن تكون الهدف الأوحد في مسيرة المبدع العربي، وأكدوا في ندوة معرض الرياض الدولي للكتاب التي شاركت فيها الروائية العمانية بشرى خلفان والناقدة العمانية الدكتورة عزيزة الطائي والروائي العماني زهران القاسمي، إضافة إلى الروائي السعودي عبده خال والكاتب والباحث السعودي عبدالواحد الأنصاري، وأدارتها الباحثة العمانية الدكتورة منى حبراس على أنّ الاختلاف حول مفهوم العالمية كبير، ومتشعّب.

جوائز للتسويق وليست للمعرفة

الروائية العمانية بشرى خلفان قالت إنّ العالمية تدفعنا إلى التفكير في أيّ عالمية نريد؟ وهل هي العالمية الإنجليزية أم العالم في الشرق والغرب؟! وأكدت أنّ الملاحظ اهتمامنا بالترجمة الإنجليزية بينما الترجمة إلى اللغات الأخرى تأتي في المرتبة الثانية وكأن الآخر أقل قيمة وأهمية. وأضافت: نحن في العربية نتوق لقراءة الآخر والكتّاب يتوقون لقراءة الكتاب كافة، وربط الجودة بالجوائز سطحية. وتساءلت عن الكتّاب الذين نعرفهم ونقدرهم كم عدد من حاز منهم على نوبل؟ وهل كل الفائزين بنوبل هم الكتاب الأفضل؟

وأكدت خلفان أنّ الجوائز الأدبية تنتقي أفضل ما قدم لها، والجوائز تخضع لذائقة لجان التحكيم وربما للاتجاهات السياسية والاجتماعية وربما الموضة. وأضافت: هل الجوائز تعلي من شأن الأدب وهل هناك نزاهة مطلقة في الجوائز؟

وأشارت إلى أنّ الجوائز تظلم الأدب وتظلم القرّاء، واستشهدت بالهند التي فاز كاتب واحد منها بنوبل وهي أم المليارية بينما غالبية الكتاب الفائزين من فرنسا، وأكدت أنّ الجوائز ناجحة في التسويق وليس للمعرفة.

العنوان كبير وفضاءاته واسعة

الدكتورة عزيزة الطائي أشارت إلى أنّ العنوان كبير وفضاءاته واسعة ومربكة وكانت تتمنّى لو كان العنوان الرواية الخليجية والتحولات الكبرى لأن الرواية الخليجية جزء من العربية. وأضافت: رغم اجتهاد كتّاب الرواية إلاّ أنّ القارئ والروائي والباحث مظلوم في المشهد العربي الكبير. ورأت الطائي أنّ الرواية الخليجية تقارب الرواية العربية بفنياتها وموضوعاتها، وأنّ مفهوم العالمية في الندوة يكمن في طرح قضايا مهمة وإنسانية تستقطب من خلال هذا الطرح بعض القراء، وأكدت أنّ الرواية ذائقة، ومع ذلك فالرواية الخليجية تفوز وتتوّج من خلال كتاب خليجين استطاعوا الوقوف على أرجلهم، وطالبت الطائي من الآخر الاعتراف بنا قبل أن يعترف بنا القريب، وأكدت أنّ الروايات بحاجة إلى دعم من حملات وطنية وقومية تعترف بوجود الكاتب ومنجز المنطقة ذات الطبيعة الخاصة والتضاريس أيضاً.

موضوع الرواية أهمّ من مكانها

الروائي زهران القاسمي اعترض على التصنيف حسب المنطقة؛ لأننا عرب، ونكتب بلغة عربية، وأكد أنّ التصنيفات تلقي الضوء على بقعة ما بكتّابها، وطالب بأن نمدّ البصر إلى ألف سنة لأنّ الأجيال التي تأتي لا يعنيها مكان الرواية وإنما موضوعها، ورأى القاسمي أنّ الأدب ليس حكراً على زمن ولكنه يحمل ثيمات اللغة التي يُكتب بها.

أما الترجمة فعدها القاسمي موضوعًا شائكًا،لأنّ الفكرة من الترجمة البحث عن الأدب بلسان آخر، وأكد أنّ الترجمة في العالم ليست حكرًا على لغتين فقط،هناك توجه من الصين لترجمة الكثير من الأعمال العربية للصينية ولديهم مراكز لذلك،نحن أنظارنا منصبة للغرب،ولكننا نتساءل وماذا عن اللغات الأخرى ؟ ولماذا نهمشها ؟

العودة للخلف تشعرنا بالدونية

الروائي السعودي عبده خال قال: إنّ العودة إلى الخلف تشعرنا بالدونية من المراكز، فالعرب ما زالوا ينظرون إلينا على أننا أطراف، وأكد أنّ هناك ارتباكًا بعد العالمية يدعوه إلى التساءل:هل كل كاتب يسعى للعالمية ؟!

وأشار خال إلى أنّ الكتابة باللغة الإنجليزية لا تعطي العربيّ عالمية في الأدب، وأنّ شعورنا بأننا لا نكتب بشكل جيد مسألة ارتبطت بالمراكز،حيث حيّدت كثير من الدول العربية دولاً كانت تسمى بالأطراف،وأكد أنّ الجوائز

لا علاقة لها بالعالمية، وأيّ إنسان لديه مشروع روائي لا يكتبه من أجل جائزة، الكتابة – كما قال خال – مختبر داخلي،له لغته ولسانه،وإذا كانت الجائزة توقف هذا المختبر فأنا لا أتمنى ان أحصل على جائزة !

وأكد خال أنّ عالمية الكاتب في ذاته،والكتابة عن إنسان في أيّ بقعة في العالم توصلك بالعالمية، لكن،لدينا هوس خلف العالمية،وتجييش المشاعر على أننا عالميون،ومع كلّ ذلك هذا لا يعفينا من «لكن» لدى القارئ، لأنّ «لكن» حجاب نسقط به أيّ عمل كُتِب.

ولفت خال إلى أننا في العالم العربي لم نُصدّر رموزًا ثقافية، لكننا نسعى لنسبتها إلينا إن حققت الجوائز،وأضاف،ليس هناك مشروع يحمل نوايا حقيقية لخدمة الثقافة والفن،وأنّه على المستوى الشخصي لا يريد من كتابته جوائز، وكلّ ما يبحث عنه إخراج ما في داخله من حيوات !

مدن الملح رواية مترهلة

الكاتب والباحث السعودي عبدالواحد الأنصاري كان جريئًا في التعبير عن آرائه النقدية،إذ قال: إنّ خماسية «مدن الملح» لعبد الرحمن منيف ليست رواية ذات فنية عالية رغم أنها عالمية،وهذا يطرح إشكالا على سؤال العالمية، وأضاف،خماسية منيف أصبحت عالمية لأنها كانت مختلفة في فترة ما،ولأنها حملت مسحة هجائية كان اليسار العربي الاشتراكي واليسار الغربي بشكل عام يبحث عنها في تلك الفترة التي كانت الحرب الباردة فيها تستدعي نوعًا من التنازلات،فأي شخص يهجو الحكومات الملكية ولا يدعو إلى الشيوعية السوفيتية يكون مقبولاً،ومحتفى به.

وأكد الأنصاري أنّه يتفق مع رؤية غازي القصيبي في أنّ مدن الملح رواية مترهلة !

وعن رأيه في اللهجات، أشار الأنصاري إلى أنّ اللهجة الخليجية في طريقها لتشكّل لهجة بيضاء،وأكد أنّ ترجمة الأعمال العالمية إلى لهجة مصرية يدخلنا في صراع ثقافي داخلي،لأنّ اللهجة المحكية داخل المجتمع مرتبطة بالصراع الثقافي والحضاري،ويمكن أن تحدث صراعًا ثقافيًا !

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here