تقارير

لماذا العالم العربي؟

المصدر

د. حسن مدن

يذكر الكاتب الإسباني خوان جويتيسولو أنه طالما وُوجه بسؤالٍ استنكاري في بلده فحواه: لماذا العالم العربي؟ والقصد هنا يدور حول الأسباب التي جعلته مهتماً بدراسة اللغة والثقافة العربيتين، وكأن لسان حال السائلين يكاد يقول: هل هناك ما يجذب الأوروبي في الثقافة العربية؟ وهل لها من الأهمية والقيمة اللتين تحملان كاتباً أو باحثاً من الغرب على أن يكرّس حياته وعمله في التعرف عليها والبحث فيها؟ وكون الكاتب إسبانياً بالذات، فإن للتساؤل وقعه الخاص، عند أولئك الذين يرون في خروج، أو إخراج، العرب من الأندلس نصراً للثقافة الغربية، بحيث يستهجنون قيام رجل، أو امرأة، من الأمة الغالبة بدراسة ثقافة الأمة المغلوبة والاهتمام بها.
جواب الكاتب على مثل هذه التساؤلات كان قاطعاً: «لماذا لا نهتم بعالمٍ يقع على بعد 14 كيلومتراً من إسبانيا وتعايش مع عالمنا عدة قرون ويعد جزءاً مكملاً من منتسباتنا الثقافية؟».
سؤال خوان جويتيسولو ورد في مقال حمل العنوان نفسه في كتاب حوى مجموعة من المقالات للكاتب، نقله من الإسبانية للعربية المترجم المصري أحمد عبداللطيف، وصدر قبل عامين.
جمع المترجم تلك المقالات تحت العنوان التالي: «في جنوب المتوسط – مقالات في السلطة والأدب والرقابة والثورات». ومع أن التطورات التالية لم تزكِ بعض التوقعات والسيناريوهات التي وضعها الكاتب لمآلات الوضع في المنطقة، على الصعيد السياسي، الذي كانت المقالات المتصلة بها هي الأضعف في الكتاب من وجهة نظرنا، إلا إنه، مع ذلك، حوى تأملات وأفكاراً مهمة حول الثقافة، والتفاعل الثقافي بين ضفتي المتوسط، وأيضاً حول الأثر المهم الذي تركته الحضارة العربية في التكوين الأندلسي والإسباني عامة.
وعلى سبيل المثال، يشير الكاتب إلى أن اللغة الإسبانية ورثت من اللغة العربية مئات المفردات والتعبيرات، رغم أن سياسة ما أُطلق عليه «تنقية العرق الإسباني» من المسلمين أدت إلى محو منهجي للمفردات ذات الأصل العربي. ويشير الكاتب إلى مؤلفٍ وضعه أحد المختصين الإسبان في القرن السادس عشر بعنوان «القواعد القشتالية»، تولى هذه المهمة بشطب كل المفردات التي لم يكن لها مرادف في اللغة اللاتينية.
ورغم ذلك، فإن جويتيسولو يؤكد أنه لا يمكن تجاهل عدد وأهمية المفردات ذات الجذور العربية التي بقيت في الإسبانية، وأتاح له تعلّم اللغة العربية باللهجة المغربية التي يراها شديدة الشبه باللغة المتحدث بها في الأندلس بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر، معرفة سلسلة من تحويرات لغوية لمفردات عربية دخلت في تركيبة الجملة اللاتينية الجديدة.

madanbahrain@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here