تقارير

كل عام وأنتم قدوة

المصدر

مارلين سلوم

مربكة هي المناسبات حين تأتي في زمن التباعد، و«الأون لاين»، ونصف الحضور، ونصف الغياب، وتفقد شيئاً من وهجها، ومن فرحتنا بها، فلا نحن متجاهلون لها، ولا يمكننا الاحتفال بما يليق بالمناسبة، وأصحابها.
يوم المعلم جاء هذا العام متماشياً مع كل أحوالنا، ومناسباتنا؛ تكلل بالأمنيات وغابت البهجة المعهودة، كيف تكتمل المناسبة ونحن نعيش في زمن البينين، نختلط، ونتباعد، نخرج من المنزل وحولنا طوق من العزل نغلف أنفسنا به، نلقي التحية ولا نصافح، نحضر إلى المدرسة أياماً، ونغيب أياماً، نتعرف إلى مدرسينا ولا نعرفهم ويعرفوننا حق المعرفة، نرى وجوههم ولا نحفظ ملامحهم، ومعذور الأستاذ الذي لم يتمكن من حفظ اسم طالب، أو طالبة، وربطه بالشكل الماثل أمامه، فالتواصل بين المعلم والتلميذ منقوص ومغلف هو أيضاً بقوانين التباعد، والحذر، والتعليم الهجين.
نقدر المجهود المضاعف الذي يبذله كل معلم من أجل إتمام مهمته التعليمية هذا العام على أكمل وجه، ونقدّر المجهود الذي يبذله الأهالي أيضاً للعب دور الأستاذ والناظر وإدارة ساعات التعليم أونلاين من منازلهم على أكمل وجه.
كلنا شركاء في التربية والتعليم، إنما يبقى للمعلم دور الريادة في التأثير في الطلاب، وتوجيههم، وتعليمهم، ولن نسرد عيوب التعليم «أون لاين» بينما نحتفي بالمعلمين قدر المستطاع، ونذكر أفضالهم، ونمنحهم حقوقهم المعنوية في التقدير والاحترام؛ ولن نتطرق إلى مساوئ التواصل عن بعد بين الطالب، وأستاذه، وما يخلقه من جفاء وبرود. بينما التواجد في الفصل وحالة الجدل والنقاش والسؤال والجواب بين المعلمين وطلابهم، والنظر إلى العينين مباشرة، كلها عوامل تترك بصمة وأثراً في نفس كل إنسان، فما بالنا في حالة وقوف التلميذ أمام معلّمه، وهو يشعر بشيء من الهيبة، والرهبة؟ التعليم، من المهن الأكثر تأثراً بالمتغيرات التي فرضها علينا الوباء، ونتمنى أن نخرج من التجربة أكثر استفادة، وأن يتمكن المعلم من المحافظة على هيبته وحضوره حتى إن كان التعليم عن بعد يسرق منه هذا الوهج، وتلك السلطة، ويفرض بعض الاسترخاء على التلاميذ الجالسين في بيوتهم، والمتابعين لحصصهم عن بُعد.
نتمنى أن يحتفظ كل المعلمين بقيم التعليم ورسالته التربوية، حتى وإن تحدثوا إلى طلابهم من خلف جهاز كمبيوتر، وباعدت الظروف بينهم جسدياً، وألا تتحول المهنة إلى مجرد تلقين، وألا يتخلى الأستاذ عن أي من مهامه في شرح المادة، والحرص على ألا يغادر حصته قبل أن يتأكد من أنها وصلت إلى كل طالب، واستوعبها الجميع.
كل عام وأنتم قدوة، ولكن لا نتمنى أن تأتي المناسبة مغلفة بكل هذا القلق، والحذر، والتباعد في الأعوام المقبلة.

marlynsalloum@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here