تقارير

قراءات مختلفة في الطريق

المصدر

عبد اللطيف الزبيدي

قال القلم: بصراحة، لم أشعر بأن حواريّتنا أمس طويت صفحتها، فما هي إلاّ من قبيل «متى سلّم حتى ودّع»؟ قلت: بماذا تريد أن ينعتنا القراء؟ بأننا نستفز الناس بأن الثقافة التي سادت العالم العربي، على مرّ السنين، هي عدم فهم كنه الثقافة؟ هل سنقضي الأيام في التقاسيم على مقامات جلد الذات؟

قال: المعضلات أعظم، ليتها انحصرت في عدم إدراك مفهومٍ ضيّق للثقافة. التراجيكوميديا هي أنه حين كان العالم العربي في بداية التاريخ الحديث كالنطيحة والمتردية وما أكل السبع، لا يعي ما يفعله الخواجات به، كانت القوى الدولية المتجبرة، تعمل كمنظومة لا تترك شاردة ولا واردة في العلوم والمعارف إلاّ وأعملتها في أرضه، لسبر ما في أعماق خلايا الشعوب وأغوار ماضيها. يعني توظيف الثقافة والثقافة الاستراتيجية في حزمة وسائل وغايات واحدة. في القرن التاسع عشر بالذات، كان التنقيب عن المحروقات والمواد الأولية على قدم وساق في المستعمرات وغيرها. وحتى قبل ذلك كان الرحالة وحملات التبشير والبعثات الاستكشافية، وخبراء الآثار والمخطوطات وما إليها، ينقبون عن الجذور، ينبشون ويهبشون، وكانت مراكز البحوث والدراسات في كبريات الجامعات وغيرها، تقول هل من مزيد؟ كانت الثروات الجوفية في نظرهم لا تقتصر على مصادر الطاقة والمروحة الصينية من المناجم، لهذا ترى التراث العربي الذي لا يجرؤ المثقفون العرب على تشريحه، إلاّ إذا صدرت مؤلفاتهم خارج البلاد العربية، كله تحت المجهر ذرّة ذرّة.

قلت: يا أخي، أعرف أنك شاطر في صب الملح على الجرح، لكن، أنت تعرف أن «أجدع» مفكر مثقف فيلسوف في الغرب، لا يستطيع أن يفتح فمه في مسائل معروفة، وإلاّ ألقموه حجراً. في «المجتمع الدولي»، القبضايات لديهم قانون استراتيجي يقول: «ما كل طير يتّاكل لحمه». تاريخك أنت يعاد فيه النظر، تراثك أنت يخضع للتشكيك والفبركة وإعادة الصياغة، بما يجعله صالحاً لأن يأكل نفسه بنفسه.

قال: أحسنت، أعد ذلك عشرين مرة. على المثقفين العرب، عفوا، على الأشقاء الروائيين بالذات، أن يستعدوا للتطوير الأدبي الإبداعي، وإلاّ فإن التاريخ العربي هو الذي سيحمل راية الإبداع في روايات الخيال العلمي، لكنها ستكون روايات واقعية، بخرائط الثقافة، بثقافة الخرائط.

لزوم ما يلزم: النتيجة التكرارية: لم تعملوا على تشريح ميراثكم بأنفسكم، استعدوا الآن لخزائن المكتشفات، لكن، لا تسؤْكم القراءات المختلفة.

abuzzabaed@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here