أرشيف

ضمور العضلات في الفضاء

المصدر

عندما نكون على سطح الأرض، يتطور جسم الإنسان مع السحب المستمر الناتج من جاذبية الأرض. فيستخدم الجسم العضلات والعظام للعمل ضد الجاذبية للحفاظ على التوازن واعتدال الجسم. ويطلق مصطلح العضلات المضادة للجاذبية عادةً للإشارة إلى تلك العضلات التي تعمل بشكل أساسي ومستمر للحفاظ على التوازن ووضعية الجسم، وأيضاً القيام بالحركات مثل القفز وغيرها، والتي تساعد جسم الإنسان على العمل ضد الجاذبية. ومثال على العضلات المضادة للجاذبية: عضلات الساق وعضلات الفخذ وعضلات الظهر والرقبة.
ولكن ما الذي يحدث عندما يزول عامل الجاذبية؟ ما هو تأثير ذلك على عضلات الإنسان؟.
عندما يكون الإنسان في بيئة ذات جاذبية متناهية الصغر وتسمى أيضا الجاذبية الصغرى (Microgravity)، كما هو الحال أثناء إقامة رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية والتي تدور حول الأرض على ارتفاع ما يقارب 400 كيلومتر، فإن الحاجة إلى تلك العضلات الداعمة يقل كثيرا، وذلك بسبب عدم الحاجة إلى بذل مجهود للقيام بالحركات البدنية والروتينية مثل الوقوف والمشي والقفز، وأيضاً رفع الأشياء وحملها. ويؤدي ذلك إلى ضعف العضلات وحدوث ما يسمي بضمور العضلات مما يؤدي إلى انخفاض في حجم الألياف العضلية مع عدم وجود تغيير واضح في عدد هذه الألياف.
إن تكيف العضلات مع ظروف الجاذبية الصغرى ليس له عواقب وخيمة في الفضاء، حيث لا يحتاج رواد الفضاء إلى نفس القدر من القوة للتحرك والحفاظ على توازنهم. ولكن هذا التكيف سوف يسبب مشاكل عندما يعود رواد الفضاء إلى سطح الأرض، حيث تكون البيئة ذات جاذبية كاملة وذلك لأن عضلاتهم وعظامهم أصبحت أضعف من أن تعمل كما كانت من قبل الرحلة الفضائية. وحيث أظهرت الدراسات أن رواد الفضاء قد يتعرضون إلى فقدان 20% من كتلة العضلات في المهمات الفضائية التي تستمر من خمسة إلى أحد عشر يومًا وتصل إلى أعلى من ذلك في المهمات طويلة الأمد. وعلى الرغم من أنه يمكن استعادة كتلة العضلات وقوتها بمجرد عودة رواد الفضاء إلى الأرض والتكيف مع الجاذبية، فإن الحفاظ على العضلات في الفضاء هو مصدر قلق. فضمور العضلات يؤثر سلبيا على قدرات رواد الفضاء أثناء المهمة الفضائية في أداء الأنشطة التي تتطلب جهدا بدنيا بما في ذلك الأنشطة خارج المركبة الفضائية وكذلك في الحالات الطارئة. ومن أعراضها أيضا، عدم الشعور بالراحة الذي قد يؤثر على رواد الفضاء نفسيا وجسديا مما قد يشكل خطرا على حياتهم خلال الرحلة. ولقد تم ذكر في عدد من المهمات بشعور بعض رواد الفضاء بآلام أسفل الظهر، وقد تم تصنيفه أنه نتيجة لضمور العضلات.
الطريقة الوحيدة لتقليل حدوث ضمور العضلات في الفضاء يتم من خلال تمارين مكثفة تتضمن تمارين القوة. على سبيل المثال: يقضي رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية ما يزيد عن الساعتين يوميا في ممارسة الرياضة لمكافحة آثار ضمور العضلات. إضافة إلى ذلك، يتبع رواد الفضاء نظاما غذائيا خاصا، حيث أظهرت الدراسات أن الوجبات الغذائية منخفضة البروتين والفواكه والخضروات يمكن أن تؤدي إلى ضمور العضلات.
هنالك كثير من الأبحاث والدراسات لفهم الآليات الأساسية والعوامل المساهمة في ضمور العضلات وكيفية منع حدوث ذلك حتى يظل رواد الفضاء بصحة جيدة أثناء الرحلات الفضائية، بما في ذلك الرحلات إلى محطة الفضاء الدولية، رحلات القمر والمريخ، وأيضا عند العودة إلى بيئة الجاذبية الكاملة على سطح الأرض. ويعتبر البحث في الفضاء حول تأثيرات الجاذبية الصغرى على العضلات جزءا مهما من هذه الجهود. حيث يتم مقارنة الأبحاث التي تُجرى في الأرض مع الأبحاث في محطة الفضاء الدولية أو مع الأبحاث باستخدام نظام محاكاة ظروف الرحلات الفضائية من على الأرض.
Next Page >

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here