تقارير

ضمانات استدامة السلام

المصدر

فيصل عابدون

ينطوي اللقاء الذي تم بين نائب المجلس السيادي السوداني وقائد قوات الدعم السريع حمدان دقلو وقائد الحركة الشعبية قطاع الشمال عبد العزيز الحلو على أهمية استثنائية، ومن المؤكد أنه لقاء سيكون له ما بعده. وكان الحلو، الذي قاطع محادثات السلام السودانية في جوبا عدة مرات، قد أعلن رفضه رئاسة دقلو للوفد الحكومي المفاوض، ووجه له سلسلة طويلة من الاتهامات، وطالب بإبعاده عن رئاسة الوفد المفاوض، مقابل عودته إلى الطاولة.

وتسبب موقف الحلو في زيادة التوتر بين القائدين العسكريين والسياسيين، كما قاد لارتباك برنامج المفاوضات الجارية على مختلف المسارات؛ الأمر الذي أسفر عن توقيع اتفاقات مع قادة الحركات المسلحة على مساري دارفور والنيل الأزرق من دون أن تشمل جناح الحلو أو جناح عبد الواحد محمد نور الناشط في إقليم دارفور. وألقت هذه التطورات ظلالاً من الشك حول فاعلية الاتفاقات الموقعة على طموحات وقف الحرب، وتحقيق السلام الفعلي على الأرض.

لكن هذه الشكوك تراجعت بعد لقاء جوبا الأخير؛ حيث تقول التقارير إن وساطة قام بها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك؛ ساهمت في إذابة الجليد؛ وطي صفحة الخلاف بين الرجلين، وفتحت الطريق أمام استئناف المفاوضات على مسار جنوب كردفان. ووصف دقلو خلافه مع الحلو بأنه «سحابة صيف بددها اللقاء وأن الأصل في علاقات أبناء الوطن الواحد التعاون لإحلال السلام بين ربوعه». ورد الحلو التحية بمثلها واصفاً اللقاء بأنه «كان ودياً وإيجابياً، ويمهد الطريق لمواصلة التفاوض؛ من أجل تحقيق السلام والاستقرار وبناء السودان الجديد».

وأكد الطرفان في بيان مشترك عقب اللقاء العودة إلى طاولة الحوار اعتماداً على منهجية جديدة، تقوم على تنظيم ورش عمل تناقش العقبات، وتعزز المساعي الرامية إلى تحقيق السلام العادل في كافة ربوع السودان.

إن هذه التطورات إلى جانب الإشارات القادمة من نور، تشكل ضمانة حقيقية وأساسية لاستدامة السلام بين أبناء الوطن الواحد؛ إذ إنه من المنطقي ألا تمثل اتفاقات جزئية تضم بعضاً من الحركات المسلحة ولا تضم البعض الآخر أساساً مقبولاً للسلام الشامل وإنهاء الحرب وعودة الاستقرار والأمن؛ فالاتفاقات الجزئية تصنع سلاماً منقوصاً، وتظل مفتقرة لضمانات الاستدامة وعدم العودة الى المربع الأول.

من المهم الإشارة هنا أيضاً إلى أن القضايا التي يطرحها الحلو وعبد الواحد بشكل منفصل على طاولة المفاوضات تختلف في بعض جوانبها عن القضايا التي طرحتها الحركات الأخرى، والتي تم الاتفاق حول بنودها وتوقيع مسوداتها بشكل رسمي.

وفي هذه الحالة، فإن المفاوضات تصبح أكثر مشقة، وتحتاج إلى فرق عمل وخبراء من اختصاصات مختلفة، ما يعني إمكانية إضافة عناصر جديدة إلى فرق المفاوضات في الجانبين الحكومي إضافة إلى ثنائي الحركتين اللذين سيخوضان مفاوضاتهما بشكل منفصل وليس كفريق واحد.

وعلى سبيل المثال فإن عبد الواحد سيركز أكثر على قضية استحقاقات القبائل في الأراضي وتعويضات اللاجئين بينما يبدو الحلو مهموماً أكثر بقضية علمانية الدولة؛ وهي قضايا شائكة.

Shiraz982003@yahoo.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here