تقارير

شهادات «إندومي»

المصدر

محمد سعيد القبيسي

من منطلق الشعور بالجوع الشديد وعدم امتلاك وقت لتحضير وجبة طعام تستهلك على أقل تقدير نصف ساعة ظهرت الأكلة الشهيرة اللذيذة سريعة التحضير «إندومي» التي لا تزال رائجة في الأسواق.
ضمن السياق ذاته ربما، برز في الآونة الأخيرة الكثير من المعاهد التدريبية التي تقدم شهادات معتمدة في مجالات شتى خلال أيام معدودات: ثلاثة أيام وتصبح خبير تنمية بشرية، وخمسة أيام لتحصل على شهادة عالمية موثقة في مجال التسويق، وأسبوع واحد فقط، لتغدو محرّراً صحفيّاً من الطراز الرفيع. لكن شتان ما بين وجبة طعام لذيذة يمكن إعدادها بسرعة، وتخصص كامل يراد إتقانه ونيل شهادة خلال فترة زمنية قصيرة غير منطقية.
أي منطق هذا؟ هل يمكن بالفعل أن تغدو خبيراً أو مستشاراً أو كاتباً في غضون أيام قليلة؟ بالطبع لا، فأي عاقل يدرك أنه لا يمكن إتقان أي مجال في فترة متناهية القصر كتلك التي تعدنا بها بعض المعاهد والمؤسسات التدريبية.
أما الطامة الكبرى، فهي أن تلك المعاهد تضحك على عقول العامة من البسطاء وقليلي الخبرة، فتبيعهم دورات خادعة بأسعار مرتفعة أحياناً، موهمة الشخص أنه سيدخل سوق العمل من أوسع أبوابه في حال انضم إلى واحدة من الدورات التي تقدمها، ليحصل خلال بضعة أيام على شهادة معتمدة دوليّاً تؤهله للعمل في كبرى الشركات!
وبالطبع، فإن ما يحصل بعد أن يسجل الطالب ويدفع ما عليه من رسوم باهظة أحياناً، أنه يدرك الحقيقة قبيل انتهاء الدورة أو بعد منحه الشهادة المزعومة ومحاولته الحصول على وظيفة تتطلب معرفة واسعة في مجال درسه في ساعات محدودة.
لابد من التصدي لذلك، حرصاً على مستقبل أجيالنا وأموال الناس، الذين يدفعون أموالاً طائلة في سبيل التسجيل في مثل هذه الدورات، ظنّاً منهم أن شهادة يحصلون عليها في غضون أيام، يمكنها أن تنتشلهم من واقع أنهم يبحثون عن وظيفة ولا يجدونها، لتذهب أموالهم سدى.
إذا كنا نريد بحق أن نقدم شهادات مرموقة ذات مستوى عالٍ، فلا بد أن ندعم فقط تلك المعاهد والمؤسسات التي تقدم دورات مدروسة بعناية ضمن مدة زمنية معقولة ومنطقية، تتناسب مع نوع الاختصاص المطلوب إتقانه، تمنح الطلاب شهادات معتمدة بعد أن يكملوا شهوراً وقد تكون سنوات من الدراسة والتطبيق العملي لما تعلموه.
لذلك كله، لابد من وجود جهات مختصة تُعنى بضبط هذا الأمر، بحيث يتم منع تلك المؤسسات الربحية من تقديم مثل تلك الدورات الخادعة تحت شعارات رنانة فارغة.

uaeall@hotmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here