تقارير

رحلة الصعود إلى القمة

المصدر

ميثا السبوسي

أرى قمة جبل تُغريني بالصعود كلما خرجت من باب منزلي الذي سكنته منذ مدة ليست بالبعيدة. عندما أنظر إلى الجبل أتردد قليلاً؛ لأنه شاهق ويصعب الوصول إليه، إلا إذا استأجرت سيارة مخصصة مع سائق متدرب.
وفي يوم من الأيام كثيرة العبء، كنت عائدة مساء أجرّ خطواتي لما ينتظرني من أعمال تحتاج إلى أن أنهيها مع اقتراب موعد تسليمها. وقبل الدخول إلى البيت اختلستُ نظرة إلى تلك القمة، أحسست وكأنها تقول لي: «قد حان وقتي، تحدّيني». بقيت لحظات ثم دلفت إلى الداخل، أعددت وجبة خفيفة، ثم أمسكت الورقة والقلم، كتبت كل ما يجب علـيّ فعله خلال الأيام القادمة، رتّبت الأهم ومن ثم المهم. ألقيت نظرة على ما أمتلك وكتبته فوجدت الكثير، سعدت بذلك.
ثم التفت إلى ما ينقصني فوجدت أيضاً ثغرات، التزمت الحيادية مع نفسي، ونظرت بعين ثاقبة بنظرة الناقد. ابتعدت عن المجاملة، ووضعت التحامل جانباً، اعترفت بتلك العيوب وكتبتها، وما هي أنجح الطرق لتعديلها. قمتُ بعمل خطة كاملة لتنظيم الوقت والاستفادة منه بأقصى درجة، سأتردد على بعض المكتبات للحصول على المعلومات اللازمة، وسأقابل الشخصيات المهمة المعنية للفائدة وأخرج بالنتائج المرتقبة. اخترت مواضيع للبحث عنها في صفحة الإنترنت، وأيضاً مشاهدة فيديو عنها، ومع ذلك كله سأختلس بعض الدقائق لمرافقة صديقة للمقهى المطل على البحيرة.
خصصت وقتاً أكبر للرياضة والمشي اليومي، وستكون هناك بعض الساعات المتفرقة للعزلة والراحة والاسترخاء.
بعد أيام نفذت بعضاً من هذه الأعمال، وقمة الجبل لازالت تُغريني بالصعود. وبعد أن أحسست بأنني على أتم الاستعداد والتمكن من خوض هذه التجربة، حجزت أقرب موعد وانطلقت لخوض هذه المغامرة. كانت السيارة تمشي في طريق وعر وممرات ضيقة، حتى أحسست بأن الممر لا يتسع للمركبة، وهي تتحرك بحذر شديد. وكلما تقدمت أتذكر تلك الصعوبات التي واجهتها ولا زالت تترصّدني بين الحين والآخر، ولا زالت تتقدم في ضيق حتى إنني لو نظرت إلى الأسفل لرأيت انحداراً كبيراً لا تكاد تُرى نهايته.
بقي السائق متيقظاً، حذراً، وكنت حذرة أيضاً معه، فأي غلطة تودي بحياته وحياتي. أرجعت جسدي إلى الخلف لأرى بأننا دخلنا في سحابة لا يُرى منها شيء، أنزلت زجاج النافذة، لامس وجهي رذاذ بارد يخبرني: «اجتزت الكثير ولم يبق غير القليل». في الوقت الذي تعتقد فيه أنك استنفدت كل طاقتك للوصول إلى هدفك، اعلم بأنه تبقى القليل، بالصبر والإرادة والثبات ستصله.
وصلت إلى القمة. هنا شعرت بالتحرر من القيود التي كانت تحاصرني، وخوفي من بلوغ القمة. نجحت في اجتيازها. فخورة بتحقيق الهدف. أثبت لنفسي أن خطوات صغيرة مدروسة، تختصر سنين من العمل.

maithk.ali@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here