تقارير

دموع كيم

المصدر

صادق ناشر

حتى الديكتاتوريون يبكون.. هكذا يمكن الحديث عن الدموع التي ذرفها زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، أثناء حديثه عن الصعوبات، التي مرت وتمر بها البلاد التي يحكمها منذ تسلمها من والده قبل عدة سنوات، تحول فيها البلد المنغلق على العالم إلى ما يشبه السجن، أكبر من ذلك الذي كان قائماً سواء في عهد والده كيم جونج إيل أو في زمن جده كيم إيل سونج، الذي افترق عن الاتحاد السوفييتي فكراً وسياسة، واتخذ لنفسه نظرية ومساراً مختلفين.

في الاجتماع الذي جاء على هامش الاحتفال بالذكرى ال75 لتأسيس حزب العمال الحاكم، وكان يشاهده الملايين من الكوريين، توقف كيم قليلاً عن الكلام وخلع نظارته، وسط دهشة متابعيه، الذين رأوه يبكي لأول مرة، خاصة عندما شرع يتحدث عن صعوبات كبيرة تواجه البلاد، وبالذات بعد الأزمة التي تضرب العالم منذ أشهر، المتمثلة في وباء كورونا، فأبناء البلد الذي ينقطعون عن التواصل مع العالم ازدادوا انعزالاً، ولم تنفعهم الزيارات القليلة التي قام بها زعيمهم إلى الخارج، في إدماجهم مع بقية شعوب العالم، أو على الأقل مع النصف الثاني من بلادهم؛ أي كوريا الجنوبية التي تعيش وضعاً مختلفاً تماماً في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي تعمل قيادة البلاد هناك على اتباعه.

لم تكن المناسبة التي كان يتحدث فيها كيم، كافية لتمنع الزعيم الشاب من ذرف الدموع، وهو يعدد الأزمات والمشاكل التي تواجهها البلاد، على الرغم من التفاخر بأنها سجلت «صفر» إصابات بفيروس كورونا؛ لأنه يدرك أن ما يقوله لا يعبر عن الحقيقة التي يعيشها أغلب أبناء شعبه.

يقول كيم: إن «الشعب الكوري وضع فيه ثقة بحجم السماء واتساع البحر»، غير أنه لم يستجب لها بالشكل الصحيح، وليس لديه أي عذر في ذلك، على الرغم من أنه، حسب قوله، تولى العمل الجبار للقائد العظيم كيم إيل سونج (جده) والقائد العظيم كيم جونغ إيل (والده)، وأنه تحمل المسؤولية لحكم البلاد، بثقل الجبال.

لكن العبارة التي يمكن أن تزلزل عرش أي حاكم في بلد ديمقراطي، هي تلك التي تحدث عنها كيم ومرت مرور الكرام، عندما أشار إلى «أنني ما زلت أفتقر للجهد والإخلاص؛ لذلك لا يزال مواطنونا يعانون تحت وطأة مصاعب الحياة اليومية»، وهذه العبارة تبدو في مفهومه، كأنها إطراء لأدائه لا فاتورة حساب.

في المشهد العام كانت دموع كيم حدثاً فريداً في كوريا الشمالية، فالزعماء في هذه البلاد لا يبكون؛ بل يقدمون أنفسهم أبطالاً لكل المراحل؛ لكن المهم هو: هل كانت دموع كيم حقيقية، أم أنها لاستدرار العواطف لا أكثر؟

Sadeqnasher8@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here