تقارير

دردشة في عام رئاسي

المصدر

عبد اللطيف الزبيدي

هل من اليسير قول كلمة تشرح الصدر بشأن العام الذي قضاه الرئيس قيس سعيد في قصر قرطاج؟ هل يُعقل أن تكون اللعبة السياسية في تونس معقدة إلى الحد الذي يجعل الحلول تستعصي على الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدستوري؟ نظرياً، تونس محظوظة بأن يعتلي سدة الحكم خبير بالدستور، ضليع في القانون، بعد تسيب وفوضى قرابة ربع قرن من المثل التونسي: «حوت ياكل حوت، وقليل الجهد يموت».

على العاقل أن يعيد النظر في الدساتير؛ إذ يبدو أن نسيجها يحاك بدهاء يترك ثقوباً لعفاريت الكواليس. كأن صياغة مواد الدستور لا تخلو من الإنشاء، ما يفتح الأبواب الخلفية للعب بالألفاظ، لما يجوز فيه الوجهان، والأوجه، ووجهات النظر وتعدد الاتجاهات. مبدئياً، الأوراق الرابحة وفيرة: حين فاز الجامعي في الانتخابات، كان قيساً بحق، وكانت تونس ليلاه. تخصصه في القانون الدستوري كان جسراً متيناً بين آمال الشعب والغايات المنشودة. كل ما تطلبه من رجل القانون هو ألا يغدو آلة قانون يعزف عليها الخارجون على القانون.

مرّ عام على وجود الرئيس التونسي في قصر قرطاج. منذ البدايات بدأ الحديث عن المؤامرات، العصي في العجلات. ههنا، ليس الفرد العادي هو الشاكي، إنه صاحب الأمر الخبير بشعاب الدستور يتفجع ويتوجع. ما على العقل إلا البحث عن الأفظع. يجب البحث عن الدسائس الخفية. النظام السياسي التونسي برلماني؛ أي أن سلطات رئيس الدولة غير مطلقة. كانت الغاية احترازية؛ لأن تونس «تحاسس على بطحتها» من عهد الزين. لكنها لم تكن تدري على طريقة: «وتقدرون فتسخر الأقدار»، أن المرشد راشد الغنوشي سيدق مسمار جحا في جدار الدستور. اللعبة الماكرة هي أن الشعب التونسي بعد أربع وعشرين سنة من رئاسة ابن علي الفردية المطلقة، لا يستطيع أن يستوعب أن سلطات قيس سعيد يحددها النظام البرلماني.

اللعبة الأخرى، أن الغنوشي يلف مقاصده في الآيات والأحاديث، والرجحان واضح حتى ولو كان التوظيف يخفي ألف حيلة ماكرة. المرشد وضع مفتاح سيادة تونس في يد أردوغان، ولم تستطع الخبرة بالدستور الإمساك به بالجرم المشهود.

لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: حين يحول الخصوم الساحة إلى غاب سباع، لا تعود للأستاذية في الدساتير والقوانين جدوى.

abuzzabaed@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here