تقارير

دردشة في صناعة التاريخ

المصدر

عبد اللطيف الزبيدي

لماذا نرى العالم كلما اقتربت ساعة انتخابات الإمبراطورية يصاب بالعصاب، وشرّ المصاب، كأنما زئير الليوث جمّد الدماء في عروق عاشبات الغاب؟ يبلغ العربي خريف العمر، فلا يسعد حتى بفجر كاذب يوهمه بأن الأقمار الصناعية التقطت أعناقاً اشرأبت تطلعاً إلى انتخابات عربية قد تنذر برفّة جناح الفراشة على محيط السياسة الدولية.

تأمل غرائب المشهد فذلك ما يجدر أن يدوّخك، أما صناعة التاريخ فقد صارت في خبر كان. اليوم لا وجود لفكرة رائدة في العالم العربي يمكن أن تصبح أساساً يقام عليه تاريخ. في الحقيقة، بات من طرائف الأسمار الحديث عن أمة لها مقومات وهوية وفرض وجود وغايات تجمع الإرادات في عمل مشترك، بعقلانية كالاتحاد الأوروبي، من غير وحدة اندماجية خيالية.

نحن أمام فشل ثقافي غريب، فاللغة والدين والتاريخ المشترك، والروافد المتقاربة في التربية والتعليم، لم تعد تساوي ذرّة في ميزان العلاقات البينية. ما فات النظام العربي إدراكه قبل فوات الأوان ووقوع الفؤوس في الرؤوس، هو أنه عندما يتعذر التفكير بعقل واحد تتآلف فيه المصالح العليا للمنظومة، فإن البديل هو التفكير كفرقاء وأشتات، وربما حتى كغرماء، إذا ازدادت الظروف سوءاً.

الخطأ الكارثي الآخر من بين مئة أخرى، هو أن جغرافيا المنطقة واحدة لن تتغير، لن يأتي يوم تجد فيه أوكرانيا على حدود الجزائر، أو الأرجنتين إلى جوار العراق. لكن الاختراقات شيء آخر. خذ الخريطة العربية كما هي اليوم، وارسم مناطق النفوذ الجيوسياسي والجيوستراتيجي، وستدرك هول غفلة العرب عن أداء دورهم. لا أهمية للوعي بعد ذلك. الكارثة هي أن الخريطة الجيوسياسية العربية صار المتصارعون عليها فعلياً أقوى بكثير من مجموع طاقات العرب. لا حاجة إلى ذرة ذكاء، فالنظام العربي هو الذي أوكت يداه وفوه نفخ، هو الذي تخلى عن مسؤولياته التاريخية، ألا وهي صناعة تاريخه؛ أي حاضره ومستقبله بنفسه، حين كانت القوى الإقليمية والعالمية تضم تاريخه إلى تاريخها، وتضيف نقط قوته إلى أرصدة قواها.

لزوم ما يلزم: النتيجة المغزوية: هل ستقول روسيا وإيران لسوريا: لقد حللنا مشكلاتكم، بخاطركم؟ قس على الأطراف الدخيلة الأخرى. هل تنتظرون من عشرين طرفاً غير عرب أن يؤسسوا عملاً عربياً مشتركاً؟

abuzzabaed@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here