تقارير

خمسون.. تألّق وصدق وإصرار

المصدر

ابن الديرة

لو عادت بنا الذاكرة إلى ثلاثينات القرن الماضي لتذكرنا «النّخي»، أول جريدة تكتب أخبار الناس الذين كانوا يتجمّعون في مقهى في مدينة العين، ويتداولون شؤونهم على ورق الأكياس.

هذه البداية تعني أن أبناء هذه المنطقة لم يكونوا رعاة وغوّاصين وصيّادي أسماك، كما أشيع أو يُشاع، بل تعني أنهم امتداد طبيعيّ لتاريخ عربيّ حافل بالثقافة وبناء المعرفة.

جاء يوم التاسع عشر من أكتوبر، عام 1970، وفيه أعلن الأخوان تريم وعبد الله عمران عن ولادة صحيفة الخليج، وكانت أول صحيفة يومية في الإمارات، وجاء إصدارها، وسط أجواء سياسية تموج بالأحداث المهمة، محلياً وإقليمياً وعربياً، حيث كان الفكر القومي الوحدوي يخوض معركة الدفاع عن النفس، بعد نكبة عام 1967، فكانت ملجأ شباب الخليج المثقفين، إذ جسّدت آمالهم وأحلامهم الوطنية والقومية. وكانت تُحرّر في الشارقة، ثم تُرسل المادة التحريرية إلى دولة الكويت، لتُجمع وتُطبع هناك. وأخذت الاسم ذا الحروف المقطّعة «ال خ ل ي ج» مع التظليل، للإيحاء بالبعد الثالث لمنظور الرسم. واهتمّت بكل ما يعني المجتمع.

وقد أثارت الصحيفة آنذاك غضب شاه إيران، والمعتمد البريطاني في الشارقة الذي صادرها ومنع توزيعها أكثر من مرة، وصادفت صعوبات سياسية وأوقفت وصودرت مرات كثيرة، سواء في الكويت أو الإمارات. ثم توقفت عن الصدور عام 1972.

لكن إصرار الأخوين المثقفين، الطامحين إلى مشروع إعلامي عربي مميّز، أعاد صدورها بزخم واندفاع وشغف، بعد ثماني سنوات من التوقف، فعادت إلى التألّق في 5 إبريل عام 1980، في مطابعها الخاصة بالشارقة.

وإذا كان الشاعر، قديماً، لسان قومه وقبيلته، والخطيب معلماً موثوقاً في مجتمعه، يشكل وجدانه، ويدعوه إلى الفخر والاعتزاز بأهله وبلده ووطنه، فقد أخذت «الخليج» هذا الدور، وعلى شكل أوسع، وباتت من ضمن «السلطة الرابعة». كانت تنقل الخبر بأمانة، ولم تنزلق في مدارك النقد اللاذع، أو المؤذي، الذي يمكن أن يتسبب في بلبلة. وكانت تشجّع المواهب الواعدة، فتفرد لأصحابها مساحات للكتابة في أي شأن يريدون.

وبعد رحيل الأخوين المؤسّسين، رحمهما الله، تسنّمت قيادة المسيرة عقول شابة طموحة وثّابة إلى كل جديد، فواكبت متسارعات العالم والتطور الحضاري، وها هي تدخل العالم الرقمي بكل قوة واقتدار.

«الخليج» تدخل عامها الخمسين مزهوّة بتاريخ حافل، فخورة بأن كثيراً من الشباب كانوا لا يرتاحون أو تغفو عيونهم قبل أن يطالعوا «الخليج»، من الأولى حتى الأخيرة.. وكثير منهم كانوا يقصّون ما يرغبون في الاحتفاظ به، ويودعونه «خزائن» أو «أدراجاً» خاصّة.. ليعودوا إليه بعد نصف قرن.

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here