تقارير

«تنجيم» نوبل

المصدر

يوسف أبو لوز

كذب المنجّمون النوبليون ولو صدقوا، فهذا تقرير صحفي سبق الإعلان عن «نوبل» للآداب يتوقع أكثر من عشرة من الكتّاب والكاتبات، ولم يرد فيه بالمرّة اسم الشاعرة الأمريكية لويز غليك، التي أعلنت الأكاديمية السويدية فوزها بالجائزة العالمية التي تعود إلى العام 1901.
التقرير التوقّعي أشار إلى أسماء معروفة عند القارئ العربي مثل الكاتب الفرنسي من أصول تشيكية ميلان كونديرا صاحب روايتي:«خفة الكائن التي لا تحتمل»، و«الحياة في مكان آخر»، وتوقع صحفيون ثقافيون فوز الكاتب الألباني إسماعيل قادريه وهو أيضاً مقروء عربياً، ومن الناحية الوجدانية -إن جازت العبارة- يتحمّس الكثير من الكتّاب العرب فوز قادريه «لأن فيه روحاً أدبية عربية أو شبه عربية على الأقل».
لم تفز أيضاً روائيات عالميات معروفات عربياً عبر الترجمة، ومثلهن كتّاب أفارقة لهم باع طويل كما يقولون في الرواية مثل الكيني «نغوغي وا ثيونغو».
على مستوى «التنجيم» العربي ورد للمرة الخامسة وربما أكثر اسم «أدونيس» الذي يقول دائماً في حوارات صحفية أو في جلسات صداقة مع كتّاب عرب أنه لا يفكّر في «نوبل»، ولا تشغله من قريب أو من بعيد، ولكن، تحت هذا الكبرياء ثمة جرح بعيد في أعماق صاحب «الثابت والمتحوّل» الذي جمع بين الفكر والشعر والرؤية والرؤيا والنقد أيضاً عبر أكثر من ستين عاماً بدأها بقصيدة العمود الخليلي، مروراً بالتفعيلة، وليس منتهياً بالنثر المشع بالتأمل والفكر والفلسفة، ولكن كل هذا التراث الذي يجلس عليه أدونيس الذي يزحف عمره الآن نحو التسعين لم يفتح له باب «نوبل» ذات الاعتبارية المعنوية العالمية العالية، فضلاً، عن قيمتها المالية التي من شأنها كما يقول البعض «أن تعيد الكهل إلى صباه».
على أية حال، لا تبدو لويز غليك السبعينية مكتهلة وربما يعود ذلك إلى القوّة السحرية التي ينشرها الشعر في جسد وروح الشاعر، لا بل إن صاحبة «البكر» أو في ترجمة ثانية «المولود البكر» أصيبت في صباها بمرض فقدان الشهية الذي يعود إلى أسباب نفسية، وكان من الممكن لهذا المرض الذي أصابها في مطلع حياتها أن يدمّرها، ولكنها تغلّبت على أزمتها الجسدية والنفسية تلك.. بالشعر الذي كافأها أخيراً بـ «نوبل».
عرف القارئ العربي شعرية هذه المرأة الأمريكية ذات الأصول المجرية من الإمارات، عندما قرأنا لها ترجمة كاملة لقصائد جاءت في كتاب صدر عن مشروع «كلمة» للترجمة في أبوظبي في العام 2009، فقد نقل شعرها إلى العربية الشاعر الفلسطيني سامر أبو هوّاش، المترجم الاختياري الانتقائي المحترف، ولذلك، فإن طبيعة شعر لويز غليك وفوزها بنوبل، ليس غريباً أو مجهولاً بالنسبة لنا نحن القراء العرب، وقد قرأناه في مجموعة «عجلة مشتعلة تمر فوقنا» وصدر الكتاب أيضاً عن منشورات «الجمل» في ألمانيا، كما عرف القارئ العربي شعر لويز غليك من خلال ترجمات متفرّقة لقصائد محدودة منها ما نقله إلى العربية الناقد صبحي حديدي، ونشرت قبل سنوات في موقع «جهة الشعر» الذي كان يشرف عليه الشاعر البحريني قاسم حدّاد.
من شعر لويز غليك من ترجمة سامر أبو هوّاش نقرأ هذا المقطع:..«ترسم طفلة إطار الجسد/ ترسم ما تجيده، الإطار الخارجي فحسب، أما الباقي فيملؤه البياض/ لا تستطيع الطفلة ملء ما تعلم أنه كائن هناك/ تدرك أمّها: داخل خطوط الإطار الهشّة/ ليس من حياة..».

yabolouz@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here