تقارير

بريطانيا وأوروبا.. علاقة ملتبسة

المصدر

صادق ناشر

لم يعد الخلاف بين الأوروبيين وبريطانيا بعد انفصال الأخيرة عن الاتحاد، مجرد اختلافات سياسية، بعد أن بدأ يأخذ في الأشهر القليلة الماضية أبعاداً سلبية كبيرة، على الرغم من الاتحاد الذي ظل جامعاً لمعظم دول القارة العجوز لعقود، لكن يبدو أن الرحلة وصلت إلى نهايتها وتحولت العلاقة خلال الفترة الأخيرة إلى وسيلة من وسائل الضغط المتبادل بين الجانبين، خاصة بعد أن أكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن بلاده مستعدة لتنفيذ «بريكست» بدون اتفاق، ما لم يحصل تغير جوهري في النهج الأوروبي.
يقول جونسون إن «الأوروبيين تخلوا عن فكرة اتفاق التبادل الحر، ولم يطرأ أي تقدم من جانب بروكسل، لذا نقول لهم: تعالوا إلينا عند حصول تغير جوهري في النهج، وإلا يناسبنا جداً البحث في التفاصيل العملية للخروج من دون اتفاق تجاري».
موقف بريطانيا الجديد جاء على خلفية ما اتخذه الاتحاد الأوربي وتضمنه بيان لزعمائه تم التوقيع عليه في قمة بروكسل الخميس الماضي، دعا من خلاله بريطانيا إلى «اتخاذ الخطوات اللازمة من أجل التوصل إلى اتفاق»، وطلب منها تقديم تنازلات حول قواعد التجارة المنصفة لكسر جمود مفاوضات ما بعد «بريكست»، ما أثار غضب كبير المفاوضين البريطانيين ديفيد فروست، الذي رد بعنف على البيان بقوله، إنه «فوجئ بالاقتراح الذي يشير إلى أنه من أجل الوصول إلى اتفاق، يجب أن تأتي جميع التحركات المستقبلية من جانب المملكة المتحدة.. إنه نهج غير مألوف للمفاوضات».
ويبدو أن الافتراق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لن يكون سلساً، كما أراد الجمهور البريطاني والأوروبي أيضاً؛ ذلك أن قضايا شائكة لا تزال عالقة بين الجانبين وتحتاج إلى مفاوضات شاقة تفضي إلى اتفاق نهائي حولها، خاصة ما يتعلق بالعلاقات التجارية والاقتصادية المستقبلية حول مصايد الأسماك، وتوفير ضمانات بشأن المعايير البيئية والاجتماعية، وإدارة النزاعات المحتملة بين الجانبين، إضافة إلى قضية أيرلندا الشمالية.
من هنا تبدو المحادثات بين الجانبين بشأن العلاقة المستقبلية، وكأنها قد وصلت إلى طريق مسدود، خاصة في ظل غياب اتفاق بحلول نهاية العام الجاري لإعلان الاتفاق، حيث يرى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن الاتحاد مصّر على تفسير متطرف للقواعد الخاصة بأيرلندا، ما عزز حالة عدم اليقين في بريطانيا بشأن مستقبل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي.
يرى المراقبون أن منطق الأشياء بات يؤكد استحالة إبرام اتفاق قبل نهاية العام، وفي الوقت نفسه عدم إمكانية ذهاب حكومة جونسون إلى خيار الخروج الخشن مهما كان الثمن؛ الأمر الذي يعني أن المقاربات التي يمكن أن تتم بين الجانبين، يمكنها أن تساعد على تهدئة الخلافات لكن لن تنهيها.

Sadeqnasher8@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here