تقارير

السير وليام باتي: الدور السعودي مهم لوقف تداعيات أزمة السودان

المصدر

أتاحت الأزمة السياسية المتفاقمة في السودان “فرصة كبيرة” للمملكة العربية السعودية للمساعدة في إنهاء العنف واستعادة الاستقرار، وفقًا لما صرح به السفير البريطاني السابق لدى السودان وليام باتي، الذي حصل على لقب “سير”، أحد أعلى الألقاب البريطانية شأنا وأعلاها مكانة.
يؤمن الدبلوماسي المخضرم، الذي عمل سفيرًا لبريطانيا لدى المملكة العربية السعودية والسودان خلال 37 عامًا من حياته المهنية المتميزة في وزارة الخارجية، بأن قرب المملكة العربية السعودية الجغرافي من السودان، فضلًا عن اتصالاتها مع الفصائل المتحاربة في الصراع، يضعها في وضع مثالي للتعامل مع الأزمة الإنسانية الذي سببها الوضع الراهن، فضلًا عن القيام بدور الوسيط.
وفي إشارة إلى مشاركة المملكة العربية السعودية في عملية الإجلاء، قال السير وليام في مقابلة حصرية مع المجلة، “هذا هو الوقت المناسب لهم. تقع مدينة جدة على الجانب الآخر من المياه، ويسهل ذلك حركة السفن إلى (مدينة) بورتسودان والعودة منها”.
وأدلى السير ويليام بتصريحاته بعد الدور البارز الذي لعبته المملكة العربية السعودية في المساعدة على إجلاء آلاف الأشخاص من الدولة التي مزقتها الحرب، حيث ورد في نهاية الشهر الماضي أن السعوديين أخلوا أكثر من 3000 شخص من بورتسودان، بما في ذلك الرعايا السعوديون وكذلك أفراد من 80 جنسية أخرى.
بصرف النظر عن أن ذلك يرفع من مكانة المملكة العربية السعودية على الساحة الدولية بشكل كبير، يعتقد السير ويليام أن الدور البارز للسعوديين في قيادة إجلاء الأشخاص الذين يحاولون الفرار من التصعيد الأخير في القتال بين القوات السودانية المتناحرة قد زاد من احتمال أن تستخدم المملكة نفوذها من أجل إنهاء القتال.
وأوضح السير ويليام: “هذه فرصة كبيرة للسعوديين للقيام بممارسات إنسانية كبيرة.”
“لدى السعوديين القدرة على إرسال قوارب إلى الميناء في السودان وإجلاء أي شخص يريد المغادرة، كما يمكنهم إيواؤهم مؤقتا في جدة إلى أن يصبح من الممكن إعادتهم في بلدانهم”.
العائق الوحيد الذي يمكن أن يحدّ من تعميق السعوديين لتدخلهم في أزمة السودان، من وجهة نظر السير وليام، هو موسم الحج المقبل، حيث من المقرر أن يزور ملايين المسلمين المنطقة الشهر المقبل في موسم الحج السنوي.
ولا يقتصر دور السعودية الكبير، من وجهة نظر السير ويليام، على الجانب الإنساني، بل إن في قدرة الرياض استخدام نفوذها للتوسط في إنهاء القتال.
وفي هذا الصدد، يوضح السير ويليام: “هناك صراع واضح على السلطة في السودان حيث يتقاتل فصيلان عسكريان من أجل السيطرة، وإذا كان من أحد قادر على الضغط عليهما، فلا شك أن للسعوديين دورا يلعبونه.”
“هناك الجيش السوداني الذي له تاريخ طويل من الانقلابات والذي ظل له السلطة لوقت طويل، وهناك قوات الدعم السريع، وكلاهما يقاتلان ليكونا الفصيل المسيطر، وليس لأي منهما مصلحة بالانتقال المدعوم دوليا إلى الحكم المدني.”
وأضاف: “يبدو لي أنه لا يمكن لأي طرف أن ينتصر عسكريا، لكنهما لم يتوصلا إلى هذا الاستنتاج بعد. إذا أشركت السعوديين، وكذلك الإماراتيين والمصريين، في محادثات السلام، فقد يكون من الممكن ممارسة بعض التأثير على الأطراف المتحاربة.”
يتمتع السير وليام بخبرة شخصية في المشاركة في جهود السلام التي شملت السودان، التي تعود إلى الفترة التي شغل فيها منصب السفير البريطاني في الخرطوم بين عامي 2002 و2005.
“عندما كنت مقيما في الخرطوم، حاولنا إنهاء الحرب الأهلية، وهو ما فعلناه باتفاق سلام شامل تم توقيعه في عام 2005.” وقد أدى ذلك، كما قال، “إلى إنهاء القتال بين الشمال والجنوب ومهد الطريق لاستفتاء عام 2011 الذي انتهى بتصويت الجنوب على الانفصال وتشكيل جمهورية جنوب السودان”.
في حين أن الوضع الأمني الحالي في السودان، حيث يرتكب الطرفان بانتظام انتهاكات لوقف إطلاق النار، لا يقدم الكثير من الأمل في إيجاد حل دبلوماسي في المستقبل القريب، لا يزال السير ويليام يعتقد أنه قد يكون من الممكن على المدى الطويل إشراك نفس المنظمات، التي ساعدت في حل النزاع السوداني في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لحل المواجهة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وأوضح: “هناك فصيلان مسلحان يبدو أنهما لا ينويان تسليم السلطة للمدنيين، لذلك من الصعب أن نرى كيف يمكنك عقد صفقة في ظل هذا الوضع. هل يمكن العودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل عام 2019 عندما وافقت الفصائل العسكرية على تسليم السلطة إلى الحكم المدني؟ هل يمكن العودة إلى عام 2021 عندما كانت البلاد تديرها فصائل عسكرية، وكان لديهم هدنة غير مستقرة مع بعضهم البعض؟”
في هذا السياق، يعتقد السير وليام أن المملكة العربية السعودية يمكن أن تلعب دورا مهما كوسيط لأن الرياض تعاملت مع كل من الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع”.
لدى السعوديين اتصالات جيدة مع “قوات الدعم السريع” لأنها أشركت القوات في الحرب في اليمن، ولديهم أيضًا اتصالات جيدة مع الجيش.
يعتقد السير ويليام أيضا أن هناك دورا مهمًا للمنظمات الإقليمية، مثل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في شرق إفريقيا (ايقاد) التي لعبت دورا رئيسيا في تسهيل المفاوضات التي ساعدت في إنهاء الصراع في السودان منذ أكثر من عقد من الزمان.
وقال السير ويليام متذكرا: “كانت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية نشطة للغاية في إنهاء الحرب الأهلية السودانية، وهذه آلية جيدة لأنها تحظى بدعم الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. إذا شارك السعوديون وأيضا الإماراتيون والمصريون في هذه الجهود، فيمكن لكل منهم ممارسة تأثير على الطرفين المتحاربين.
لكن ما نحتاجه الآن هو تمديد وقف إطلاق النار، حيث يتفق الطرفان على وقف القتال والسماح بتسليم المساعدات الإنسانية من قبل الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى، ثم يكون هناك نوع من محادثات السلام تحت رعاية الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، هذا يبدو لي آلية مفيدة محتملة”.
يبقى أن نرى ما إذا كانت مثل هذه المبادرة سوف تنال إعجاب الطرفين المتحاربين في السودان، وكلاهما يبدو مصممًا على تحقيق أهدافه من خلال قوة السلاح.
ومع ذلك، يعتقد السير ويليام أن الأمر يستحق المحاولة، وقال: “الأمر يتطلب موافقة الطرفين بشكل حاسم، ولن يوافقا على ذلك إلا إذا اعتقدا أن لديهما استفادة كبيرة من المشاركة في مثل هذه الآلية.”

كون كوخلين – المجلة

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here