أرشيف

الذكاء الاصطناعي لخير البشرية

المصدر

«الذكاء الاصطناعي لخير البشرية» بهذا الشعار كان افتتاح أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، في كلمة ألقاها نيابة عن ولي العهد -حفظه الله- رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، بما يتضمن مغزى عميقا لمساعي المملكة واهتمامها برعاية الملتقى العالمي الأول للذكاء الاصطناعي، لتسخير قدراته وإمكاناته لخير الإنسانية جمعاء، ولأن يكون ملتقى رئيسا يحتضن جميع دول العالم المعنية بالاستثمار في اقتصاد المعرفة، وتوجيهه نحو الارتقاء بمقدرات أجيالنا الحاضرة والمستقبلية، لتحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية شاملة.
أطلقت السعودية تزامناً مع رعايتها للملتقى، «الإستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي»، لترجمة تطلع وطني وعزيمة جادة نحو المضي قدماً في بناء مسيرة السعودية الجديدة «لأن تغدو أنموذجاً للذكاء الاصطناعي في العالم، ولنجعل أفضل ما فيه واقعاً»، ولتقليص الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة والنامية بما تحمله من تحديات تنموية، والتي أبرزتها حالة 2020 في التفاعل مع الجائحة وتبعاتها، وقد أخذت المملكة على عاتقها تحمل مسؤولية زمام المبادرة لتلك الفاعلية، وما يلحقها من مبادرات تابعة، لتعزيز الاستفادة من الخبرات العالمية في هذا المجال.
تتضمن الإستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، رؤية جريئة بأن تكون السعودية هي المكان الذي تتحول فيه أفضل البيانات والذكاء الاصطناعي إلى حقيقة وواقع نعيشه، وتسعى بها نحو وضع الأسس المطلوبة لإمكانيات البيانات والذكاء الاصطناعي، لإنجاز أولوياتنا في التحول الوطني المستهدف، ولتكون السعودية مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي. إذ تستهدف المملكة بحلول 2030، أن تكون من بين أول 15 أمة عالمية للذكاء الاصطناعي، وستقوم بتدريب أكثر من 20 ألفا من المتخصصين والخبراء، وسيكون هناك نحو 300 شركة ذكاء اصطناعي ناشئة، وسيتم استقطاب 20 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر والمحلي في الذكاء الاصطناعي.
دعت المملكة إلى أن يكون ملتقى الذكاء الاصطناعي، فرصة لانطلاقة منظور جديد وتطلع إيجابي لمفهوم الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، بما يسمح بالتعاون والمشاركة «قبل التنافس» بين الشركات والعلوم والمجتمعات والفنون، وبما يؤكد الفوائد العملية والإمكانات المتوقعة من «صناع السياسات والمستثمرين لتشكيل ورسم مستقبل الذكاء الاصطناعي لخير البشرية».
يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي (AI) في مفهومه، إلى الأنظمة أو الأجهزة التي تحاكي الذكاء البشري لأداء المهام، ويمكن لتلك الأجهزة أن تُحسِّن من نفسها استناداً إلى المعلومات التي تجمعها أو يتم تغذيتها بها، ويتجلى الذكاء الاصطناعي في عدد من النماذج أو التطبيقات التي توضح استخداماته مثل:
1-استخدام الروبوتات لفهم مشكلات العملاء بشكل سريع وقادر على تقديم إجابات أكثر كفاءة.
2- تحليل المعلومات الهامة من مجموعة كبيرة من البيانات النصية، لاستخلاص الفائدة والنتائج والتنبؤات وتحسين الجدولة.
3- تقديم توصيات مؤتمتة للبرامج التلفزيونية، استناداً إلى عادات المشاهدة للمستخدمين، كتغذية راجعة للتحسين.
التساؤل المطروح، هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل البشر تماماً؟! وهل سيكون هو اليد العاملة والمنفذة لكثير من أعمالنا في المستقبل القريب، أم أن الاستخدام سيكون محدوداً في مجالات محددة؟ وما هو مصير الأيدي العاملة البشرية في سوق العمل القادم، في ظل ذلك التقدم التكنولوجي، الذي يضيق من مشاركة الإنسان ويحد من وجوده في الميدان؟! وماذا علينا أن نأخذ به ونستعد له من سياسات وإجراءات تنموية في إطار ذلك التحول الجذري في متطلبات سوق العمل المستقبلي؟! هناك الكثير من التساؤلات تطرح نفسها وتبحث عن إجابات مقنعة ومطمئنة للجيل القادم والحالي، بل ولمختلف المؤسسات والقطاعات التي تشارك في سوق العمل بنشاطاتها المتنوعة.
يقول المختصون في البيانات والذكاء الاصطناعي، إن الذكاء الاصطناعي يتعلق بالقدرة على التفكير الفائق من خلال تحليل البيانات التي يحتويها، أكثر من ارتباطه بنموذج معين أو وظيفة محددة، وإن تطبيقات الذكاء الاصطناعي على الرغم من أنها تقدم صوراً عن الروبوتات عالية الأداء والشبيهة بالإنسان، إلا أنه ليس الهدف منه أن يحل محل البشر، وإنما يهدف إلى تعزيز القدرات والمساهمات البشرية بشكل كبير، بما يجعله أصلاً ذا قيمة كبيرة من أصول الأعمال، وللحصول على القيمة الكاملة من الذكاء الاصطناعي، فإن الشركات تقوم باستثمارات كبيرة في إعداد كوادر بشرية متخصصة في علوم البيانات، لأنها مجال متعدد التخصصات، ويستخدم أساليب علمية وتقنية لاستخلاص قيمة البيانات، وتلك العلوم تجمع ما بين المهارات المستمدة من علوم الرياضيات كالإحصاء وبين علوم الكمبيوتر، مع المعرفة العلمية لكيفية وآلية تحليل البيانات التي يتم جمعها من مصادر متعددة.
وتشير التفسيرات والتطلعات لاستخدامات الذكاء الاصطناعي، إلى أن المبدأ الرئيس لاستخدامه، هو أنه يحاكي بل ويتخطى الطريقة التي يستوعب بها البشر العالم من حولنا، من خلال قدرته على تحليل كم كبير من البيانات وأنماط متباينة منها، والتمكن من الربط بينها، بسرعة تفوق قدرة الإنسان وإمكاناته في الوصول إلى تنبؤات علمية دقيقة، تسهم بدورها في تحقيق الابتكار في الأعمال والمنجزات، ولذلك فهو يضيف قيمة جوهرية للأعمال من خلال: فهم أكثر شمولية لفيض من البيانات المتوفرة، وفي أتمتة المهام من خلال الاعتماد على التنبؤات للبيانات ذات التعقيد الشديد والمهام المتعددة.
في إطار ذلك التطلع الوطني والطموح الإستراتيجي نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة، وفي ضوء تلك الريادة المثمنة في قيادة ذلك التجمع العالمي لإطلاق مشروع تشاركي وتعاوني للاستثمار في البيانات والذكاء الاصطناعي، لتحقيق مستقبل أفضل لخير البشرية، فإننا نهيب بمسؤولينا وبأبنائنا ومؤسساتنا في مختلف القطاعات التعليمية وقطاع الأعمال، بأن يستوعبوا حجم ونوع التوجهات الوطنية التي هي جزء من سياسات وإجراءات شاملة ضمن توجه عالمي، يتطلع نحو الارتقاء بمستوى تمكين الإنسان بقدرات تواكب العصر، وتهتم بنوعية تأهيله ودعمه بالمعرفة والمهارات التي تناسب طبيعة أعمال الحاضر والمستقبل القريب والذي يمثل جزءًا من رؤية 2030.
Next Page >

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here