الخيارات المستحيلة!
الأبعاد الثلاثة
الخيارات المستحيلة!
يصرّ البعض على أن يضع أمامك خيارات، هي في الواقع متناقضة في طبيعتها بين آليتها وهدفها.
بل إن ذلك البعض يصرّ على أحد الخيارات فقط، أو يقوم هو بالاختيار نيابة عنك، ويجبرك على تبنيه والعمل به.
ومن هذه الخيارات ما يمكن تسميتها بالمستحيلة، كونها أساساً إما أن تكون هي في الواقع سبب المشكلة وإما أنها في الحقيقة لا تحل المشكلة أو لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع.
وهناك أمثلة كثيرة على ذلك من واقعنا الكويتي، خصوصاً في موضوع إصلاح الشأن المحلي، ومحاربة الفساد، والمسائل المتعلقة بالتطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وغيرها.
ومن أمثلة الخيارات المستحيلة ما يتعلق بوجوب إصلاح الشأن السياسي المحلي، من دون المساس بالدستور، رغم أن الدستور بمواده الحالية، هو الذي أعطى مجالاً بتداخل السلطات من خلال اعتبار السلطة التنفيذية جزءاً من السلطة التشريعية، ومن دون أن يكون للتشريعية دور في الموافقة على تعيين أعضاء التنفيذية.
فالتنفيذية يحق لها دستورياً المشاركة في اختيار أعضاء مكتب المجلس ولجانه، ولا يحق للتشريعية فعل شيء مماثل من حيث المشاركة في الاختيار واعتبارها الكتلة الأكبر، خصوصاً مع عدم التوسع في توزير النواب المنتخبين. كما أن الدستور سهّل آلية حل المجلس، وقيّد تعديل النظام الانتخابي، من حيث عدد الدوائر والأعضاء.
وكمثال آخر للخيارات المستحيلة، المطالبة بمحاربة الفساد وتحقيق الإصلاح، ولكن من دون المشاركة في السلطة التشريعية أو التنفيذية.
حتى تكوّنت ثقافة مجتمعية بأن من يشارك في الحكومة يكون (في الأغلب) جزءاً من منظومة الفساد.
فإذا كنا نقول إن الفساد واقع بسبب فساد وخلل في السلطتين التشريعية والتنفيذية، ونمتنع عن الدخول فيهما لنشارك في الإصلاح، فمن سيقوم بالإصلاح؟ ولماذا (نتحلطم) إذا تصدى من نرى أنهم متخاذلون أو فاسدون، المشهد المحلي؟ فإن انتشر الفساد فلا يجب أن نلوم إلا أنفسنا.
فمن السهل جداً أن تكتفي بالتنظير في وسائل التواصل أو في الإعلام أو في الدواوين، أو في الندوات أو عبر إصدار بيانات، ولكن المحك الفعلي هو أن تتصدى لحمل مسؤولية الإصلاحات التشريعية أو التنفيذية. فإن كانت حجتك أنه لا أمل في الإصلاح بالوضع الحالي، فالأولى أن تتوقف عن التنظير.
ولا يمكن أن تنتظر الوصول إلى الوضع النموذجي المأمول للدستور والنظام الانتخابي والشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والرياضي والثقافي، حتى تشارك في الإصلاح، لأن وقتها الإصلاح يكون قد تم من دونك وبالتالي لا حاجة لوجودك.
فكل ذلك يمكن أن يتم بالتوازي، بدلاً من الإصرار بأن تكون خطوات الإصلاح بالتوالي.
ومثال آخر يستحق النظر إليه للخيارات المستحيلة، هو أن تربط أي خطوة إصلاحية يمكن أن تخطوها، بما يقوم به طرف آخر بخطوة أو خطوات إصلاحية، أو أن تطلب من طرف ما القيام بخطوات إصلاحية بالكيفية والآلية التي تريدها، حتى وإن اتفقت معه في الغاية، أو تطلب من الغير المشاركة في الإصلاح باستخدام جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة، أو تتطلع إلى المستقبل وتطالب بالعمل تجاهه وفي الوقت نفسه تريد من الناس أن تعيش في الماضي، وتجبرهم على ذلك ليس بهدف الاستفادة من دروسهم.
رغم أنك لن تستطيع محو الماضي، كما لن تتمكن من استيراد شعب من القمر ليشاركك الإصلاح.
أخبار ذات صلة
الأكثر قراءة
يومي
14323 |
صباح الخالد: نعم وقعنا في أخطاء بالتعامل مع كورونا.. وأنا المسؤول
3130 |
وصول مستشارين وقضاة وموظفي محاكم من مصر إلى البلاد الليلة
2750 |
الجامعة العربية: «وزاري طارئ».. 8 فبراير
2680 |
وصول 272 مستشارا وقاضيا ووكيل نيابة من مصر
1690 |
وزير «الخدمات» يطلع على استعدادات «الطيران المدني» لتطبيق قرارات مجلس الوزراء الأخيرة
اسبوعي
39090 |
«بطاقة مقيم» بدل «المدنيّة» للوافدين
25980 |
القادمون إلى الكويت… حائرون
24590 |
تسارع وتيرة مغادرة الوافدين … سقوط 12 إذن عمل كل ساعة
14890 |
إطلاق خدمة نقل كفالة مادة (18) عبر موقع «الداخلية» الإلكتروني
14323 |
صباح الخالد: نعم وقعنا في أخطاء بالتعامل مع كورونا.. وأنا المسؤول