أرشيف

الحوار هو الحل

المصدر

لا شك أن القيم الأساسية بين الناس قيم عالمية، والعمل بمقتضاها أمر لازم، ويتساوى ذلك أيضًا مع القيم الاجتماعية المختلفة، والتي تعد أساسًا ضروريًا للمجتمعات، ولا يفهم من ذلك عدم جواز التنافس بين العقول، أو جواز أن ينغلق طرف على نفسه، خاصة أن نصًا مقدسًا في ضرورة الانفتاح على الحضارات، نزل من فوق سبع سموات، على سيد الكائنات، صلوات ربي وسلامه عليه، وهو قوله سبحانه في سورة الحجرات: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير»..
في خضم ما سبق ذكره، لا بد أن يكون واضحًا كذلك، أن القيم الاجتماعية الخاصة لا يمكن بثها بالقوة أبدًا، ولا يمكن نشرها بأسهل من طرق طريق القدوة، والقدوة هذه تتجسد في مسائل كثيرة مختلفة، على رأسها التسامح، وقبول التعددية، والمساواة بين الناس، وهو الذي أرساه الدين الإسلامي، وجعلها على رأس قواعده، وهنا يتبين خطأ من يظن أن حقوق الإنسان، هي منجز غير إسلامي مثلًا، أو يتوهم أن حماية العقل مع النفس والشرف والمال ليست من صميم الدين الحنيف، أو أنها غير موجودة في الضمير الإسلامي، وهذا التقرير لا يعني أن الحضارات المختلفة لم تتفق في الأساس مع الحضارة الإسلامية، وإن اختلفت المصادر فإن المصلحة العامة هي غاية الكل، وكل مجتمع فيه من الفاعلين الواعين، الذين لا هم لهم إلا إنجاح مساعي السلام بين الكون كله.
هناك مشكلات واقعية عالمية في دنيا الناس اليوم، والقضايا الدينية في كثير من الأحيان، تكون في المقدمة، لما في الدين من مكانة بين الناس، ولا يمكن عزلها عن أي حوار، فالثابت الذي لا يمكن التشكيك فيه، هو أن السلام لا يتأتى، دون سلام بين أهل الأديان، والسلام بينهم مرهون بتشجيعهم على الحوار، وتأمين طرق إنجاحه، ويكاد يكون ذلك هو الطريق الأسهل والأوحد من أجل القضاء على الصراعات، وعدم العودة إلى ماضي «الحروب الصليبية»، التي كان «الدين» هو شعار كل الخصوم، وهذا يحتاج إلى تحديد الأهداف، وتوفير مناخ مناسب لذلك، ومنع أي عقد نفسية مؤثرة، من مثل النعرات الخاصة، واعتقاد دونية الطرف الآخر؛ لأن ذلك معناه إلغاء الآخر، واحتكار الصواب، وكل ذلك لا يتناسب مع القواعد الإلهية المنظمة للحوارات، وفي مقدمتها، قوله جل جلاله، في الآية 64 من سورة آل عمران: «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُون»، والتي تعد من أهم المبادرات الملفتة الانتباه إلى أهم قضية محورية في الحوارات، وهي قضية الألوهية.
Next Page >

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here