تقارير

الترجمة.. خيانة أم أمانة؟

المصدر

د. حسن مدن

في الثلاثين من شهر سبتمبر/ أيلول مرّ اليوم العالمي للترجمة، وكان ذلك مناسبة لإقامة عدد من الأنشطة التي تتناول موضوع الترجمة في العالم العربي، وجلّ هذه الأنشطة، إن لم يكن كلها، أقيمت عن بعد، أو بشكل افتراضي، حيث حوّلت «كورونا» الكثير من الفعاليات إلى افتراضية.
هناك أنشطة أقيمت وأخرى قادمة حول الموضوع في بعض بلداننا الخليجية، مثل الإمارات والبحرين. وهذه علامة إيجابية، ليس فقط لكون الترجمة موضوعاً يستحق أن يُناقش ويبحث، وإنما لأنه أصبح لدينا جيل جديد من المترجمين الشباب في بلداننا، الذين أصبحت ترجمات بعضهم لكتب مهمة متاحة للقارئ لا في منطقة الخليج وحدها، وإنما في البلدان العربية عامة، حيث غدت الترجمة أحد الجوانب التي تقدّم بها الثقافة في بلدان الخليج نفسها إلى أشقائها العرب، إضافة إلى منتجها من الأجناس الأدبية.
بُعيد اليوم العالمي للترجمة، أُعلن عن فوز الشاعرة الأمريكية لويز جليك بجائزة «نوبل» للآداب، وسبق لنا تناول ترجمة أشعارها للعربية غداة هذا الإعلان، وعلى صلة بهذا طالعت منشوراً للكاتبة الكويتية أفراح الهندال، عقدت فيه مقارنة بين ثلاث ترجمات عربية لقصيدة الشاعرة «First Memory»، متوقفة أمام التباين التركيبي لمفرداتها، بدءاً من«الذكرى» و«الذاكرة» و«ذاكرة» في عناوين الترجمات الثلاث، وكذلك «في مفردات النص ومساراتها الدلالية»، مؤكدة أهمية البحث عن الترجمة الأكثر حساسية ودقة وعمقاً في اشتغالها على الرغم من جماليات كل منها.
الترجمات الثلاث كانت لكل من صبحي حديدي، وداد الصفدي، سامر أبو هواش، وكان هذا المنشور موضوع سجال بين من علقوا عليه، وبعضهم مترجمون، أو على علاقة بالترجمة، ولن ندخل في تفاصيل هذا السجال، ولكننا نستدل منه أنه لا يمكن لترجمات أي نص مهما كان قصيراً أن تكون واحدة أو حتى متشابهة، ولا نقصد المعنى، وإنما الطريقة التي يعبر بها عن هذا المعنى، مما يؤكد أن الترجمة هي بدورها، صورة من صور الإبداع.
ونعلم أن هناك من ذهب إلى حدّ القول إن الترجمة الخائنة للنص الأصلي هي الأكثر أمانة له، على ألا نأخذ مفردة الخيانة هنا بحمولتها السلبية، فالمراد هو القول بأن الترجمة الحرفية للنص من لغته الأم إلى اللغة المترجم إليها تفقد الكثير من وهجه، إن لم يكن كله.
يقول خورخي بورخيس إنه لا توجد في بعض اللغات صيغة للتفضيل، فليس بوسعنا، مثلاً، القول: أفضل الليالي، وسيكون جميلا لو قلنا: ليلة الليالي، وبدل النشيد الأفضل نقول: نشيد الإنشاد.

madanbahrain@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here