أرشيف

الإبداع والابتكار في الجامعات السعودية

المصدر

إن قطاع التعليم من القطاعات الحيوية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمجتمعات، والتي تقوم بدفع عجلة الاقتصاد الوطني؛ إذ كان من أقوال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله ((التعليم في السعودية هو الركيزة الأساسية التي نحقق بها تطلعات شعبنا نحو التقدم والرقي في العلوم والمعارف)). إن الدعم المستمر من حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- ووزارة التعليم في تسخير كافة الجهود في التحول إلى إقتصاد معرفي يعتمد على العقول والطاقات البشرية المبدعة والمنتجة والتي يعززها التعليم المتكامل المتمثل في ما تقوم به الجامعات السعودية وعماداتها المساندة التابعة لها، لا سيما خلال أزمة جائحة كورونا، أمر جدير بالاهتمام والبحث والدراسة والتقدير في تعزيز الفرص الاستثمارية المولدة للفرص الوظيفية في مجالات متنوعة منها التحول الرقمي والانتاج الرقمي ونقل المعرفة في شتى أنواع العلوم.
إن أهمية قطاع التعليم وعلاقته بتنمية الاقتصاد الوطني وتطوير رأس المال البشري له من الإسهامات المباشرة في تحقيق متطلبات سوق العمل ودعم الابتكار وريادة الأعمال في الجامعات السعودية والتي تعزز اكتشاف وفهم واستيعاب وقياس وتطوير الإبداع والمبدعين. وقبل البدء في مرحلة تطوير وتحفيز وخلق واقع ملموس كما نشعر به ونعيشه من حولنا لا بد من وضع الإطار النطري والتطبيقي والتطرق لبعض المفاهيم الأساسية مثل ماهية الإبداع، ومن هم المبدعون؟ وما هو الابتكار؟ وماهية ريادة الأعمال، واقتصاد المعرفة والتميز الوطني؛ إذ كان لتوجه الجامعات نحو المساهمة الفاعلة في نقل اقتصاد المملكة إلى اقتصاد قائم على المعرفة وفق مبادرات برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة ٢٠٣٠، وذلك من خلال التحول الى جامعات مستقلة بحثية يضع على عاتقها مسؤولية الرقي بالمهام البحثية والتعليمية والتي بدورها تساهم في تخريج كوادر ذوي كفاءات تنافسية على مستوى العالم، وذلك بالاختراع والابتكار وتطبيق نتائج البحث والتطوير وإنشاء الشراكات والتكامل المؤسسي الاكاديمي والاقتصادي المحلي.
استقبل العالم في السنوات الماضية الثورة الصناعية الرابعة، والتي تتمحور حول دمج ومزج أنظمة المعلومات والتنكولوجيا بكافة أنواعها، والتي من أمثلتها السيارات الذاتية القيادة والطائرات المسيرة والبيانات الضخمة وأنظمة تخزين الطاقة المتجددة والعملات الرقمية واتساع عمق تأثيرها وقدرتها على إحداث تغيير جذري في طريقة سير المجتمعات واتخاذ القرارات والعلاقات الاقتصادية، وفي الجانب الآخر تطور المهارات المعرفية للطاقات البشرية وزيادة حجم رأس المال المعرفي والمعلوماتي المجتمعي واللذي يساهم في تطوير عملية نقل وتخزين والتعامل مع المعرفة وتحسين مخرجات النشاط المجتمعي في القطاع الصناعي وتحقيق التميز الوطني.
فهل المبدعون يولدون؟ أم تتم صناعتهم؟
بالطبع وبكل تأكيد لا يولد المبدعون ولا تتم صناعتهم، بل هي عملية مركبة تكاملية تتضح معالمها بعد التطرق لمفهوم الإبداع والمبدعين وفهم واستيعاب هذه المفاهيم الاستيعاب المطلق لها لنستطيع وضع تصور الواقع الملموس الذي نشعر به والذي يعتمد على التخطيط الاستراتيجي بعيد الأفق والأخذ بعين الاعتبار المخاطر المالية و الزمنية وجعلها تحديات بكل إيمان نستطيع التغلب عليها إعتقادا ويقيناً لا يقبل الشك بأن المحصلة النهائية لسلسلة العمليات والإجراءات والمخرجات النهائية هي واقع نعيشه ونتعايش معه يضيف لتاريخنا المزيد من الاعتراف العالمي به والتميز بين الشعوب. ومن أجل ذلك لا بد لنا من اكتشاف المزيد من المبدعين وصقل مهاراتهم بالتدريب والتأهيل للحياة العملية والميدانية مع الوضع في عين الاعتبار أن اكتشاف الإبداع هو عملية تحتاج لقياس أولاً وبيئة حاضنة ثانياً معا.
إن واقع الابتكار في المملكة في نمو ملحوظ فعلى مؤشر الاقتصاد المعرفي العالمي نستطيع أن نرى المملكة تتنافس وتنافس مع مصاف الدول الاقليمية والأوروبية وتتقدم على دول المحيط الهادي وشرق آسيا، أما على مقياس طلبات براءات الاختراع المقدمة والممنوحة والتي شملت مجالات الاحتياجات الأساسية والنقل والتعدين والهندسة والفيزياء والإنشاءات فهي كذلك في نمو ملحوظ. إن ما تقوم به الجامعات في المملكة اليوم من جهود غير مسبوقة في احتضان أفكار مشاريع تخرج الطلبة على سبيل المثال للعديد منهم وتحويل تلك المشاريع إلى مشاريع ريادية من خلال مسرعات الأعمال والشركات الناشئة ومبادرات وبرامج متابعة الخريجين وربطهم بسوق العمل والاحتفاء بإنجازاتهم ونجاحاتهم أثناء وبعد المرحلة الجامعية والإشادة بالأفكار وتقديم الدعم وتوثيق سبل التعاون معهم وتسخير كافة الموارد لرعاية المشاريع النوعية التي تساهم في تحسين جودة الحياة وتحقق التميز الوطني، والأمثلة على ذلك لاحصر لها، سواء في مجال الطاقة المتجددة أو التكنولوجيا والصحة العامة في الجامعات السعودية. فلقد كانت الأرقام مذهلة بكل المقاييس ففي عام ٢٠١٥ بلغ عدد براءات الاختراع السعودية ٤٠٩، وفي عام ٢٠١٦ بلغ عددها ٥١٧، وفي عام ٢٠١٧ احتلت المملكة المرتبة ٢٣ عالمياً بـ ٦٦٤ براءة اختراع، وفي عام ٢٠١٨ بلغ عدد براءات الاختراع المودعة ١٩٠٠ في المملكة العربية السعودية وما توفره من بيئة خصبة للابداع والابتكار ودعم الاقتصاد المعرفي وتفعيل منظومة الاقتصاد الوطني التي تركز على برامج أكاديمية نوعية ومهنية على شكل دورات تدريبية وتأهيلية أو دبلومات مهنية وبرامج لمرحلة البكالوريوس والدراسات العليا والتي تقوم على تعزيز متطلبات الثورة الصناعية الرابعة وتشارك بشكل فاعل في تنويع مصادره وتوسيع قاعدته الانتاجية بتوسيع دائرة الشراكات الاستراتيجية والاتفاقيات والبرامج التي تنتهي بالتوظيف، لا سيما في أنظمة المعلومات المتقدمة ودعم اتخاذ القرار والنمذجة والمحاكاة وتنقيب البيانات المتقدم والسجلات الصحية السحابية والتخزين السحابي والقيادة التلقائية والتعليم الإلكتروني والتجارة الرقمية والتعدين الآلي والتي تخدم وتعزز الثورة الصناعية الرابعة والبنية المؤسسية والاستثمار الذاتي والحوكمة وريادة الأعمال والابتكارات والشراكات الاستراتيجية التي تعتمد على مزج ودمج الأنظمة المعلوماتية والتكامل المؤسسي لقياس الأداء الفعال الذي يمكننا من التطوير.
Next Page >

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here