تقارير

استفزازات في مضيق تايوان

المصدر

علي قباجه

ازدادت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين حدّة، مع ارتفاع منسوب التهديدات العسكرية بينهما؛ إذ إن التدافع بين الدولتين الأقوى في العالم، وصل إلى خطوط حمر، ما قد يدفع الأمور إلى الخروج عن السيطرة باشتباكات محدودة، ربما تتسع لحرب مدمرة تدفع العالم إلى حافة الانهيار. ما يحدث ليس مجرد تلاسن بل ثمة تحركات فعلية على الأرض تصب الزيت على نار الخلافات التي تأججت خلال السنوات القليلة الماضية، فالولايات المتحدة زجت سفنها الحربية في مضيق تايوان الذي تعده الصين ضمن حدود سيادتها، وأي مساس به يعد لعباً بالنار.
مؤخراً، أعلنت الولايات المتّحدة أن مدمّرة أمريكية عبرت مضيق تايوان في «مهمّة روتينية»، وسرعان ما جاء الرد الصيني الذي قال: «إن الولايات المتحدة تقوض السلم والاستقرار في المضيق بشكل خطر». هذا التصعيد لم يكن من فراغ بل جاء في إطار معركة كسر العظم بين الدولتين؛ إذ إنه قبل ولوج المدمرة الأمريكية في المضيق بيوم واحد، دعا الرئيس الصيني شي جين بينج سلاح مشاة البحرية إلى «الاستعداد للحرب»، وهذا التصريح لا يعد عبثاً عندما يتعلق الأمر بثالث أقوى جيش في العالم، فاستفزازات الولايات المتحدة العسكرية ربما كانت مدروسة؛ بغية إفراغ مضمون التهديدات الصينية المبطنة، وكسر هيبتها على الصعيد العالمي، لكن الصين حذرت في خضم ردها على «التعدي الأمريكي»، من أن الأمور تسير في طريق المواجهة الحتمية.
المتحدّثة باسم الأسطول الأمريكي السابع ريان مومسن، بررت أنّ قاذفة الصواريخ الموجّهة «يو إس إس باري» نفّذت مهمة روتينية في مضيق تايوان، بما يتّفق والقانون الدولي، مضيفة: إنّ «عبور السفينة مضيق تايوان يثبت التزام الولايات المتّحدة أن تكون منطقة المحيطين (الهندي والهادئ) حرّة ومفتوحة»، فواشنطن تريد من وراء تحركاتها فرض أمر واقع، تحاول الصين مقاومته بكل ما أوتيت من قوة، فالجيش الصيني قال: «إنه سيدافع بكل حزم عن سلامة أراضي البلاد، وسيحافظ على السلم والاستقرار في المضيق».
هذا الخلاف يعد الأخطر على الإطلاق وهو قمة جبل التناقضات التي تشهد علاقاتهما المتوترة، بدءاً من التجارة وفيروس «كورونا»، وليس انتهاء بملفات دولية كثيرة وهو ما يلقي بظلال من الشك على مستقبل العلاقات بين البلدين. فواشنطن لا تزال متمسكة بالأحادية القطبية، وترفض وجود الصين منافساً لها على الساحة العالمية، وعزز هذه الفكرة، التي ترفضها بكين، الرئيس الأمريكي ترامب، الذي قاد حملات متتالية لإضعافها، وإطباق فكي الكماشة على اقتصادها المتنامي، الذي يهدد نظيره في الولايات المتحدة، من خلال سحب البساط من تحته في التجارة العالمية.
يبدو أن مراكز الدراسات كانت متفائلة عندما قالت في أكثر من موضع إن ثمة حرباً باردة بين بكين وواشنطن، فالملاحظ على أكثر من صعيد أن الصراع خرج عن المألوف، ليتحول إلى احتكاكات ساخنة.. فهل تتجه الدولتان إلى جر العالم بأسره نحو الهاوية أم أن التعقل سيبقى متحكماً في الموقف؟
aliqabajah@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here