تقارير

أردوغان يفسد هدنة القوقاز

المصدر

د. حسن مدن

كان لافتاً نجاح موسكو السريع في حمل الطرفين المتنازعين في القوقاز: أرمينيا، وأذربيجان، على توقيع اتفاق هدنة أظهر قدرة «الكرملين» على التأثير القوي في مجريات الوضع هناك، لكن هذه الهدنة لم تصمد سوى ليلة واحدة، عادت بعدها المعارك إلى التجدد، وسط اتهامات متبادلة من الطرفين، ببدء خرق الهدنة.
نستدلّ مما نشره الإعلام الروسي خلال الأيام القليلة الماضية، أن أرمينيا ليست وحدها من تتهم تركيا، وأردوغان شخصياً، بالتحريض على عدم الالتزام بالهدنة، وإنما روسيا أيضاً، ترى الرأي نفسه، فوقف القتال يعطل المشروع الأردوغاني في احتواء باكو، وجعلها أسيرة القرار التركي، وترى موسكو أن التصعيد المتجدد في ناجورنو كاراباخ يظهر استعداد تركيا لسيناريو المواجهة في جنوب القوقاز.
على سبيل المثال، تربط جريدة «نيزافيسيمايا جازيتا» الروسية نهج أردوغان في القوقاز بمجمل نهجه التصعيدي في غير بقعة، وترى في هذا النهج انقلاباً على السياسة التي رسمها وزير خارجيته السابق، والمنقلب عليه حالياً، أحمد داوود أوجلو، والتي كان من مبادئها «صفر مشاكل مع الجيران»، و«دبلوماسية سلام وقائية ذات أولوية».
وأدى استبداد أردوغان داخل البلاد إلى تغييرات جذرية في السياسة الخارجية لتركيا، من مظاهرها، حسب الصحيفة أيضاً، تقديم مساعدة عسكرية وسياسية نشطة إلى حكومة السراج في ليبيا، وتعيين أنقرة حدود وجودها في شرق البحر الأبيض المتوسط منفردة، ما ينذر بنشوب نزاع مسلح مع اليونان، وقبرص، فيما لا تزال التوترات قائمة في سوريا بسبب تركيا.
ويبدو منطقياً التساؤل الذي نطالعه في بعض وسائل الإعلام الروسية عما إذا كان بالوسع إيقاف ما تصفه صحيفة روسية أخرى بأ«غطرسة» أردوغان، وينطلق السؤال من موقف عارف بأنه في اللحظة التي يدرك فيها الزعيم التركي أن رداً جدياً للغاية ينتظره، ستتوقف جميع محاولاته نحو الزعامة الإقليمية، أو حتى العالمية، خاصة أن تنطحه للعب دور «جنكيزخان» جديد مجرد وهم، وهو الذي «يحكم دولة إقليمية تمزقها التناقضات، والسياسة الخارجية، بالنسبة إليه، هي مجرد وسيلة للحفاظ على السلطة».
والسؤال أعلاه ليس موجهاً للقيادة الروسية، وإنما إلى دول الاتحاد الأوروبي، حيث تركيا عضو في الذراع العسكرية، أي حلف «الناتو»، الذي يعني الكثير للأوروبيين، ليس لأنهم غير ممتعضين من دور أردوغان، لكنهم بالمقابل أسرى ابتزازه الذي عهدوه، باستخدام وسيلة الضغط القوية للغاية التي يخشونها، وسبق له أن ابتزهم بها، وهي فتح بوابات العبور التركية للاجئين إلى أوروبا، الذين لسياسة أردوغان دور كبير في تشردهم من بلد مثل سوريا.

madanbahrain@gmail.com

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here