نور المعرفة
نورة المزروعي
لا قيمة لمعرفة يسمعها الإنسان ما لم تقر في القلب. فكم منا قرأ كتاباً، أو استمع إلى نصيحة ولم يعمل بها. فلا فائدة لعلوم إن لم تعمل بها الجوارح. وهناك فئة من البشر لا تسعى بالضرورة إلى اكتشاف ذواتها، ولا تدرك أنه عندما يرتقى الإنسان إلى المستوى العقلي، ويبدأ العقل البحث في مختلف العلوم يكتشف حينها شيئاً بداخله أرقى من المستوى الجسدي، وتتولد عنده أسئلة عدة، فيعيد النظر في ما يحيط به بعقلانية منفتحة لإدراك حقائق الأشياء، ويبدأ في البحث في علة الوجود فينشغل باكتشاف ذاته وتهذيب حواسه. فالعقل مناط التفكير والقلب مناط العمل.
إن معرفة الذات حالة ارتقاء للعقل والجسد. يقول الله تعالى«فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى». فالروح سماوية، نورانية، حية، لا تموت ولا تفنى.
وفي هذا المستوى، يدرك الإنسان الله بيقين ويستشعر برهبة وجوده وتتجلى معاني الآية الكريمة في قلبه «اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ».
تشتمل هذه الآية على النور الحسي والمعنوي. فالنور الحسي الذي ينتشر جراء أشعة الشمس وضوء القمر يساعد على إدراك حقائق الأشياء فيستنير العقل، والنور المعنوي يتمثل في تيقن الإنسان بالتكاليف الربانية. ولا يمكن الوصول إلى النور الإلهي إلا عن طريق نور العلم «يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ». وفي شرف العلم قال النبي عليه الصلاة والسلام:« تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ ؛ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ تَعَالَى خَشْيَةٌ، وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ، وَمُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ، وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ، وَتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ صَدَقَةٌ، وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ »، فكلما أبحر الإنسان في المعارف الروحانية -التي تضيء النفس – ترتقى به إلى صفات الملائكة.
almazrouei2013@gmail.com