تنظيم المنصات الإلكترونية للمحامين
تطرح هيئة المحامين السعودية عددا من المقاربات التنظيمية، بهدف تنظيم سوق المحاماة والإشراف على المشاريع الربحية في مجال المحاماة. وفي رأيي أن جميع هذه المقاربات تحتاج لإعادة نظر بالرجوع أولا لنظام الهيئة نفسه، وبالنظر كذلك للظروف الحالية التي يمر بها الاقتصاد بشكل عام والقطاع الخاص تحديدا. وعلى سبيل المثال طرحت هيئة المحامين السعودية مسارا جديدا يفرض مبلغا مقداره 180 ألف ريال على أصحاب المنصات الرقمية التي تقوم بدور الوساطة بين المحامي والعميل، وهذا مبلغ كبير جدا لا يعرف كيف تم احتسابه، ولا يأخذ بعين الاعتبار تفاوت المردود المالي بين هذه المنصات.
ولو عدنا إلى نظام الهيئة نفسه لوجدنا أن تنظيم سوق المحاماة غير مشمول في اختصاصها، وأن ما تتجه إليه الهيئة من فرض الغرامات والرسوم وتحصيل الاشتراكات، وفرض استصدار رخص للمنشآت القانونية، كل هذه الأمور غير واردة في نص نظام الهيئة، وتعد اجتهادات لا بد أن تخضع للتقييم الدوري، ودراسة تأثيرها في عمل المحامين السعوديين.
تنظيم مهنة المحاماة اصطلاح مختلف عن تنظيم سوق المحاماة، بل إن تنظيم السوق يحمل أبعادا اقتصادية تختص بها جهات أخرى متعددة.
وكما نعلم جميعا أن الأزمة الحالية الناتجة عن جائحة كورونا، قد أثرت في أعمال المحاماة بشكل كبير، وكان المنتظر من الهيئة أن تدفع باتجاه دعم المحامين، دعما يساعدهم على الاستمرار وعدم إغلاق مكاتبهم.
إن تزايد إغلاق مكاتب المحاماة بعد هذه الجائحة يتزامن مع اعتزام الهيئة اعتماد تنظيم المنصات الرقمية، وهذا سيؤدي إلى تقليص مساحة عمل المحامي السعودي تدريجيا، ما يزيد الاحتكار، وقد يؤدي لنشوء سوق بديلة تحت مسميات أخرى.
وختاما أدعو هيئة المحامين السعودية للاستفادة من التجارب النقابية في الدول الأخرى، التي تضع نصب عينها باستمرار ضمان ازدهار المهنة، ومصالح الزملاء العاملين فيها.
Next Page >