خدمة العدو
ليست الشجاعة في الحروب وإنما في تفاديها، والحكمة بأن تنتصر على عدوك دون حرب صلبة ولا ساخنة، وإنما بحرب ناعمة وباردة.
ومن ذلك أن تكتفي أحياناً بالابتعاد والتفرج فقط، لأن العدو يحوي فيروسات السقوط الذاتي، ولكن بحربك عليه قد توحد الجميع ضدك.
ولذا يسعى بعض الدول لاختلاق حروب خارجية لتوحيد الداخل، فما بالك إذا جاءت الحرب من عند نفسها لتخدمها.
وهذا له أمثلة عديدة سأكتفي بثلاثة نماذج متنوعة:
أولاً: تورط صدام بدخول الحرب مع إيران جلب المنفعة للخميني، حيث وحد الجيش والشعب بعد أن كان خائفاً منهما، وبالتالي حماه لثمان سنوات، وكررها مرة أخرى في تهور ثانٍ باحتلاله الكويت، وذلك لأن القرار فردي وبلا ضمانات جماعية ومؤسسية، وحقق أهداف الفرس بهزيمته، ومصالح الغرب بسقوطه.
ثانياً: حينما كان الجيش الوطني الليبي يحاول الدخول لطرابلس لم يستطع حيث توحد الغرب ضده، ولكن بمجرد انسحابه للشرق بدأت الخلافات بينهم سياسية وعسكرية.
ثالثاً: الخوارج المعارضون للأنظمة العربية في الخارج من إخونجية ومرتزقة حينما تتركهم فهم كفيلون بحرب بعضهم، وليس عليك سوى أن تتفرج عليهم.
والذي نستخلصه من هذه النماذج وغيرها أن الانتصار على العدو قد لا يكون بحربه بل وربما تنصره عليك حينما تواجهه.
وإنما دع «السنن الكونية» والخبرة التراكمية تقرر التعامل بالفعل من عدمه، واترك الفيروسات يقضي بعضها على بعض لتحقيق «التوازن البيئي».
Next Page >