تعاقب القيادات
محمد إبراهيم
لا شك أن بناء صف ثانٍ من القيادات في مختلف القطاعات، يشكل ضرورة ملحة ومطلباً حتمياً، حاضراً وفي المستقبل، لاسيما في قطاع التعليم الذي يعوّل عليه في إعداد أجيال الغد، للمحافظة على تعاقب القيادات، وهنا تكمن ضرورة إعداد بدائل قيادية جديدة، مؤهلة وقادرة على حمل الراية، ومواصلة المسيرة، بكفاءة ومسؤولية.
لسان حال المنطق، يؤكد أنه لا يجوز أن تُختزل مؤسسة في شخصية بعينها، ولا يعقل أن يقتصر نجاحها على تلك الشخصية، فملامح التميز يرسمها فريق عمل مخلص ومتكامل، يعمل كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر، هكذا تنهض المؤسسات، وترتقي المجتمعات.
برنامج «القائد الجديد»، الذي أطلقته وزارة التربية والتعليم منذ أيام، لإعداد جيل من قيادات الصف الثاني في المدرسة الإماراتية، يركز على الحاجة إلى أهمية ضخ دماء جديدة من القيادات التربوية في الميدان لتواكب المرحلة.
تأخذنا تفاصيل البرنامج، إلى 140 ساعة تأهيلية، تحاكي تطبيقات حديثة في الإدارة والقيادة، و«التعليم والتعلم، والتغيير وإدارته، والتعليم الموجه بالبيانات، والنضج الإلكتروني، والتدريب العملي»، والأهم أنه متبوع ببرنامج «القائد الممارس»، المخصص للقيادات التربوية الموجودة حالياً على رأس عملها، وكلاهما يركز على «التمكين»، والأداء المطور في البيئة المدرسية، بكفاءة ومهنية متجددة تواكب المستجدات.
المتوفر من معلومات، يؤكد أن جهود «التربية» مستمرة في هذا المسار؛ إذ سيتم الإعلان عن رخصة القيادة التربوية قريباً، ليخضع الجميع إلى التقييم، والبقاء سيكون لأصحاب الكفاءات الحقيقية، وهذا لم يدع مجالاً للشك في قوة ومهارة القيادة القادمة، ومدى فهمها العميق للمتغيرات، والتعامل مع المستجدات، وهنا نقولها صريحة، إن الوزارة وضعت يدها على أحد أهم الملفات التي تنشد التطوير منذ زمن.
ولما لا يتم تعميم البرنامج، ليضم كوادر التعليم الخاص أيضاً؟ لاسيما أن معظم مدارس هذا القطاع بحاجة إلى تطوير في القيادة والإدارة، ولندع الميدان التربوي بمختلف مؤسساته يغرد في سرب واحد.
إن تجديد الدماء، وتطوير القدرات، وتدوير الكوادر، ليس ترفاً أو عقاباً، كما يعتقد البعض؛ بل ضروريات تفرضها متغيرات ومستجدات كل مرحلة، فينبغي أن يلتزم الجميع المرونة والجاهزية، لقبول أي تطوير يصاحبه تغيير، ولنعلم أن المحافظة على إرث تعاقب القيادات، واجب على جميع المؤسسات، والتعاطي مع الأمر بمنظور يخدم مصلحة الوطن وأبنائه، ضرورة لا تقبل النقاش.
Moh.ibrahim71@yahoo.com