أردوغان.. كارثة تركيا
يونس السيد
قد لا يكون أحمد داوود أوغلو، رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق، وأقرب المقربين من الرئيس التركي فيما مضى، مبالغاً حين اتهم أردوغان بأنه أكبر مصيبة حلت بتركيا بعد أن حوّل البلاد إلى «شركة عائلية كارثية».
ليس أوغلو وحده، من يتهم أردوغان بجر تركيا إلى الخراب وأخذها رهينة لأفراد عائلته، فهناك صفوة من السياسيين الذين أفنوا سنوات عمرهم في صفوف حزب «الحرية والعدالة» إلى جانب أردوغان، أمثال علي باباجان وعبدالله جول.. وغيرهما، ليجدوا أنفسهم، في نهاية المطاف، في موقع المعارضة والصدام مع أردوغان وحزبه، ويضطروا إلى تأسيس أحزابهم الخاصة على أمل التخلص «ديمقراطياً» من السلطة الحاكمة، الجاهزة دوماً للانقضاض على أي حراك شعبي أو سياسي بذريعة ارتباطه ب «الانقلاب» وأتباع فتح الله غولن.
هؤلاء النخبة والساسة لم ينفضّوا عن شراكة أردوغان، إلا بعد أن وجدوه يقود تركيا إلى المكان الخاطئ، وبالتالي إلى العزلة الدولية، بسبب سياساته الداخلية والخارجية، خصوصاً بعدما شاهدوا تخبطاً في سياساته الخارجية وإقحام تركيا في سلسلة من الحروب والأزمات، بدءاً من سوريا وليبيا والعراق، ومروراً بشرق المتوسط، وصولاً إلى القوقاز وإعادة إشعال الصراع في إقليم ناجورنو كاراباخ بين أرمينيا وأذربيجان. وبعد أن شاهدوا أردوغان يسخّر كل إمكانيات الدولة، فقط، من أجل بقائه في السلطة والسعي لتحقيق مشروعه العثماني وتحويل الأنظار عن الغليان الداخلي الناجم عن انهيار الاقتصاد والفقر والفساد والظلم وقمع الحريات والمعارضين وتكميم الأفواه واضطهاد الفئات الاجتماعية الأخرى من الأقليات، وبالتالي اعتماده على أفراد عائلته وأقرب المقربين إليه في إدارة مفاصل الدولة، وليس على ذوي الكفاءات والاختصاصيين، لتتحول الدولة برمتها إلى مزرعة عائلية تجمع خيوط السياسة والاقتصاد وكل مقدرات البلاد على حساب الأغلبية الساحقة من الشعب التركي.
والمصيبة أن يتوجه أردوغان إلى الأتراك ليطالبهم بالصبر على المصاعب التي يمرون بها، ما دفع داوود أوغلو إلى مخاطبته أثناء مؤتمر حزبه «المستقبل» في مرسين جنوبي البلاد، بالقول «إن الأمة ستصبر، ولكن على أي مصيبة ستصبر؟ ومن هم المتسببون في هذه المصيبة؟ أنتم أنفسكم المصيبة. أكبر مصيبة حلت على هذا الشعب هو ذلك النظام الذي حول البلاد إلى شركة عائلية كارثية». ويشير أوغلو إلى أن أردوغان ذهب في سبيل الحفاظ على السلطة إلى إقامة تحالفات غير طبيعية، مع اليمين واليسار في آن معاً، وحتى مع انقلابيي عام 1997، تاركاً أصدقاءه الذين كافحوا معه في مقابل رموز تركيا القديمة، ويحاول أن يعيقنا نحن الآن. بينما يذهب علي باباجان نائب رئيس الوزراء الأسبق، في مؤتمر حزبه الأول «الديمقراطية والتقدم»، إلى اتهام أردوغان، بإعادة إحياء المشكلة الكردية، لافتاً إلى أن اعتقال رؤساء بلديات أكراد، وحظر اللغة الكردية، لن يؤدي إلى إفساد الوحدة والسلام ومحاولات إيجاد حل لهذه المشكلة، في وقت تتفاقم المشاكل الداخلية، وتزداد معها عزلة تركيا الدولية.
younis898@yahoo.com