الخرائط الذهنية
إن أفكار أي شخص وتصوراته عن نفسه وعن العالم، تتضمنها خريطة ذهنية كَوَّنها له دماغه، فهو محكوم بهذه الخريطة ويعتقد أن أي فكر يخالف خريطته الذهنية هو فكرٌ ضال.
إن خريطته الذهنية عن الأفكار والتصورات مماثلة لخريطته الذهنية عن الأماكن؛ فحين يقود أي شخص سيارته في مكان يعرفه فإنه يتحرك بشكل تلقائي حسب الخريطة الذهنية التي يحتويها دماغه.
ولكن ما إن تختلط عليه الطرق حتى يفقد التوجيه، وهذا الموضوع كان ولا يزال محل بحوث ودراسات متخصصة، وقد كان البروفيسور كين هيل أحد المهتمين في دراسة ظواهر الخرائط الذهنية المكانية، حيث يبقى الشخص غير قادر على معرفة الاتجاه الصحيح؛ لأن خريطته الذهنية تكون مقلوبة فكلما تحرك ازداد ابتعاداً عن الاتجاه الصحيح. يقول البروفيسور كين هيل:
«لا يستطيع الشخص التائه أن يحدد موقعه ولا اتجاهه ولا يمتلك الوسائل لإعادة توجيه نفسه».
ويقول عالم الفيزياء جون إدوارد هوث: «ظل الباحثون يدرسون لعقود جامعين ببطء العناصر التي تشكل آلية رسم الخرائط عقليًّا».
ويضيف: «يوجد نوعان من الخلايا يخلقان الخارطة العقلية؛ خلايا المكان وخلايا الشبكة».
ومن الظواهر ذات الدلالة العميقة أن التائه يكابر فإذا لم يكن يعرف أنه تائه فإنه يرفض أي تصحيح أو توجيه يأتيه من خارجه ويظل متشبثا بموقفه وعن ذلك يقول العالم هوث:
«يحاولون عقلياً أن يقحموا خصائص يشاهدونها كي تنطبق حتى لو كانت العلاقة بينهما ضئيلة». إن التائه الذي لم يقتنع بأنه تائه يصر على أنه في الاتجاه الصحيح ويكابر ويلوي الخريطة التي معه لكي تتفق مع خريطته الذهنية.
إن هذه حقائق شديدة الأهمية حيث يتبين منها أن كل فرد يُكَوِّن له دماغه خريطة ذهنية هي التي تحدد علاقاته بالناس وبالمكان وبالأفكار وبالتصورات، إنها وسيلته لرؤية العالم وهذا يستوجب أن يتربى الناس ويعلَّموا هذه الحقائق لكي يواصلوا تحديث خرائطهم الذهنية باستمرار.