خطى الخير والإنسانية
ابن الديرة
لا يذكر أيّ منّا، إنجازات الإمارات، منذ قيام الاتحاد، قبل نحو خمسين عاماً، التي رسم خطوطها، وبنى معالمها، الوالد المؤسّس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ومعه الآباء المؤسسون، ومشى على خطاهم الخيّرة، قادة الدولة، فنهضت هذه الدولة، نهوضاً فاق التوقّعات، إلاّ وتمتلئ نفسه فخراً؛ فترتفع غبطة كثير من المحبين، وقد تثير حسد آخرين، .. لكن الإمارات مشت على خطى الخير والإنسانية، بكل ما تعنيان من معانٍ.
وسجل التاريخ بإكبار أن سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة «أم الإمارات»، وسموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة «مؤسسة القلب الكبير»، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من روّاد هذه الخطى، بمبادراتهما التي لا تسع الصفحات لذكرها.
فمسيرة سموّهما، وتاريخ عملهما وعطائهما حافلة بزخم من المبادئ الإنسانية السامية، والقيم وأسلوب التفكير الراقي النبيل، ومنهج الحياة المعتمد على تزويد الأجيال بتوجهات وأفكار تعزز قيم العمل والعطاء والسلام.
«سما» طفلة سورية، تُعايش سنواتها الخمس في مخيّمات اللجوء مع أسرتها في لبنان، لم تكن تدري أن القدر يخبّئ لها ما لم تكن تتصوّره، فقد كانت أحلامها وردية.. لكن هذه الأحلام، تبخّرت في لحظة إجرام وجنون.. فبينما كانت تلهو وسط جدران منزلها، القريب من مرفأ بيروت، وقع الانفجار، فتطاير زجاج المنزل، فاستقرّت شظاياه داخل إحدى عينيها فأفقدتها النظر.
ومرّت الأيام ثقيلة على الطفلة، لكن إمارات الخير، حملت إليها الأمل على أجنحة الهلال الأحمر، حيث كانت سما، ضمن المشمولين بمبادرة سموّ الشيخة فاطمة، لعلاج المصابين في الانفجار. وأجريت لها عملية جراحية تجميلية، وركّبت عين صناعية، وأزيلت تشوّهات وجهها.
وكذلك، قدمت مؤسسة «القلب الكبير» 4 ملايين دولار، لمباشرة إنشاء وتجهيز إحدى وحدات العناية المركزة المخصصة للأطفال في «مركز مجدي يعقوب العالمي للقلب» بمدينة 6 أكتوبر في القاهرة، على أن تحمل الوحدة التي تصل طاقتها الاستيعابية إلى 2000 طفل سنوياً، اسم المغفور له الشيخ خالد بن سلطان بن محمد القاسمي، نجل صاحب السموّ حاكم الشارقة، تخليداً لذكراه العطرة.
فها هي سما، تسمو أحلامها، وترتقي طموحاتها، وتنفتح أيامها، لتعود كما أترابها.. وهاهم الأطفال المرضى، سينعمون بعلاج آمن.
شكراً «أم الإمارات»، شكراً سموّ الشيخة جواهر، فأنتما النموذج الذي يجب أن يحتذى. فعطاءاتكما سيسجّلها التاريخ بأحرف من نور.
ebnaldeera@gmail.com