العيد تجديد للفرحة
الإنسان بعد إنجازه عملًا عظيمًا يحتاج إلى أن يفرح، الفرح هو توأم الطبيعة، إنه ليس شيئًا يولد من العبث ومن أجل لا شيء، إنه ضروري لكل إنسان في هذا العالم، إنه الدليل على كونك إنسانًا حيًا، وقد اقتضت حكمة الله أن يحيي الأعياد بعد مواسم فاضلة ذات بركات عظيمة.
هذه الأيام القليلة هي مجرد تعويض عن أيام معضلة من العمل، لقد سلبت الحياة من البشر كل مباهجهم، وإن لم يخصص لهم بضعة أيام يحتفلون خلالها، بلا مندوحة سيضل فريق من الناس في دائرة التعساء البؤساء، في ذات كل إنسان هناك احتفالات دائمة ومستمرة على مدار السنة.
لا صحة لمقولة “لا خير في أمة كثرت أعيادها”، بل تعست أمة كثرت أحزانها، إنها دعوة تأذن بأن لا يفرح الإنسان، وأن يقيم الأعياد في ترح وانكسار.
إذا سأل سائل كم عدد أعياد المسلمين في السنة؟ ستكون الإجابة “عيدان”. وليس عيدًا واحدًا، من باب المبالغة، إضافة ليوم الجمعة عيد الأسبوع.
العيد كالحب يزدهر في داخلك، وما عليك إلا أن تسمح لعطره أن ينتشر، العيد بكل بساطة هو تجاهل الهم والغم وإخفاء الترح، وهذا لا يتطلب جهدًا، أليس بود الإنسان لو ينعم جميع الناس بالجنة؟ يقول ابن تيمية: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة.
حين يفرح مجتمع يصبح أكثر احساسًا، حين تغني بلاد تصبح أكثر وعيًا، الحياة رائعة، تشعر بروعتها في الأعياد ومشاركة الناس الفرح، وحين تلحظ الابتسامة على محيا الجميع.
في هذه الأوقات التي تنحى فيها إجلالًا للخالق، تتضرع إلى الله بحب وخشوع، وترى حجاج البيت الحرام يوحدون الصفوف ويقربون المسافات ويتعرفون على ثقافات وتقاليد مختلفة فيما بينهم.
فالحج بمثابة رحلة فرح إلى الله، وتعد المشاعر والأحاسيس التي يشعر بها الحاج خلال الحج لا تنسى، وتترك أثرًا عميقًا في قلبه وروحه. الحج ليس مجرد فريضة عادية يؤديها المسلمون، ففيه توحيد القلوب والأرواح بين الناس، فيجتمع الأمير مع الخادم، والغني مع الفقير، والسيد مع المأمور، والأبيض مع الأسود، ويلبسون لباسًا واحدًا، ليس فيه تمييز بين عبدٍ وآخر، ليعلمنا الله سبحانه وتعالى أن الناس عنده سواسية لا تفريق بينهم.
يتذكر الناس بعضهم بعضًا في هكذا مناسبات، خاصة الفقراء والمحتاجين والمساكين والأرامل واليتامى الذين يتنظرون العيد لتحديث الفرحة، هذا العيد هو لجبر الخواطر أيضًا حتى يشعر الجميع بالبهجة. العيد فرصة ذهبية لتجديد الفرح وفرصة رائعة حتى يستعيد الإنسان طاقته ونشاطه ليبدأ من جديد وكله أمل بحياة مفعمة بالتفاؤل، وهذه المشاعر الداخلية تساعد على تقويم وتبديل حال الإنسان من مستوى إلى أعلى منه.
هذا العيد الكبير يمهد للنفوس أن تأوي إلى خالقها وتطلب منه مزيدًا من الخير والفرح والأجر العظيم.
سعد أحمد ضيف الله