نقطة «اللا عودة»
دخلت المعركة ضد مرض ألزهايمر؛ الذي يبدد الذاكرة ويشل القدرة على التفكير، مرحلة اللا عودة، بعدما ظهر عقاران جديدان يستطيعان إبطاء مسيرة المرض نحو نهاياته البائسة. ولئن كان العقاران الجديدان، والأدوية التي لا تزال في طور الدرس والابتكار مصممة بحيث تَنْتَاشُ المرض قبل استفحاله؛ فذلك معناه أن الأمر يحتاج الى كشف مبكر يدل الى الإصابة الوشيكة. ويشار إلى أن عقاري «ليكيمبي»؛ الذي أنتجته شركتا إيساي البانية وبيوجن الأمريكية، و«دونانيماب»؛ الذي ابتكرته شركة إيلي ليللي الدوائية الأمريكية، يقومان بتقليص ترسبات بروتين أميلويد في الدماغ، التي تعتبر دليلاً مؤكداً على حتمية الإصابة بألزهايمر. وأكدت دراسات أن هذين العقارين يستطيعان تبطئة تقدم ألزهايمر بنسبة 30% لدى من تم اكتشاف قابليتهم للإصابة في مرحلة مبكرة من عمر المرض. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير إلى أن تجاوز تلك المرحلة العلاجية يتطلب تحديد واختبار العوامل الأخرى التي تساهم في حدوث المرض، ربما قبل عقود من حدوثه. وأوضح قائد فريق قام بدراسة جديدة؛ وهو عالم الأعصاب لدى المعهد القومي الأمريكي للشيخوخة كينان ووكر، إن أدوية تطهير الدماغ من ترسبات بروتين أميلويد بيتا تقوم بإبطاء تقدم المرض، لكنها لا توقفه تماماً. لذلك فإن الأمر يتطلب استهداف سبل أخرى لتقوم بالغرض المنشود. ويتركز البحث راهناً، إلى جانب بروتين أميلويد بيتا، على بروتين آخر يسمى «تاو» (TAU)؛ وهو بروتين يتجمع في أدمغة المصابين بألزهايمر. ويرى العلماء أن من الأفضل لتحقيق إنجاز كبير أن يتم استهداف أميلويد وتاو في آنٍ معاً، إذ إنهما يظهران بوضوح في كل عمليات المسح الضوئي للدماغ. وبات ميسوراً اكتشافهما من خلال فحوص الدم، والأدوات التشخيصية الجديدة التي أحدثت نقلة نوعية في الحرب على ألزهايمر. وكانت الدراسات التي سبقت التوصل إلى العقارين المذكورين أبانت بجلاء أن بروتيني أميلويد وتاو ليسا السببين الوحيدين للمرض؛ بل هناك عوامل مهمة تتسبب في ضعف الذاكرة، والعجز عن التفكير، حتى قبل أن يبدأ تكوّن رواسب أميلويد وتاو. فقد كشفت الدراسة الجديدة، بقيادة كينان ووكر، أن ثمة بروتينات أخرى يبدو أنها تلعب دوراً في عنفوان الشباب في التسبب بالمرض، قبل 15 أو 25 سنة من تأكيد تشخيص الإصابة بألزهايمر. ومعظم تلك البروتينات ليست لها صلة بأميلويد وتاو، بل تتعلق بعمليات جهاز المناعة، والتواصل بين الخلايا العصبية، وتنظيم إنتاج البروتينات في الجسم. واستطاع فريق البحث التابع للمعهد القومي للشيخوخة تجنيد 15800 متطوع، راوحت أعمارهم بين 45 و64 سنة، لدراسة طويلة المدى لعملية تراكم البروتينات في الشرايين، وذلك منذ الثمانينات وحتى اليوم. وتم اكتشاف قابلية 11 ألفاً من المتطوعين للإصابة بألزهايمر. وبمتابعة هذه المجموعة تمكن الباحثون من اكتشاف عشرات البروتينات لدى أولئك الأشخاص، خصوصاً بروتيناً يسمى GDF-15، يعتقد بأنه يشارك في تنظيم مواجهة التهابات بعينها. وعلى رغم أنه تم تأكيد وجود صلة لهذا البروتين بألزهايمر وأنواع الخَرَف الأخرى؛ فإنه لم يثبت حتى الآن أنه مؤشر يدل على إمان إصابة الشخص بالخَرَف.
أعلنت شركة كويست دياغونتكس في شيكاغو، أنها أطلقت أول فحص مباشر للمستهلك لاكتشاف مستويات بروتين أميلويد بيتا في الدماغ، الذي يعتقد بأنه المتسبب الرئيسي في مرض ألزهايمر. وتتراكم ترسبات هذا البروتين في الدماغ قبل سنوات من ظهور أعراض النسيان وعدم القدرة على التفكير. وتبلغ قيمة جهاز الفحص 399 دولاراً. وقال مدير قسم الأعصاب التابع للشركة الدكتور مايكل راك إن الكشف على بروتين أميلويد بيتا يتيح للشخص أن يعرف ما هو مقبل عليه قبل سنوات من ظهور الأعراض. ويأتي إعلان هذا الفحص بعد أسابيع من إعلان هيئة الغذاء والدواء مطلع يوليو الماضي موافقتها على عقار ليكيمبي، الذي ابتكرته شركتا إيساي اليابانية وبيوجن الأمريكية لإزالة ترسبات أميلويد بيت في الدماغ، وبالتالي يؤدي ذلك الى إبطاء تقدم المرض. وتخضع الهيئة في الوقت الراهن عقار دونانيماب، الذي ابتكرته شركة إيلي ليللي الأمريكية للغرض نفسه، للمراجعة تمهيداً للموافقة عليه. وتقول الشركة إن الفحص الجديد يستهدف أي شخص يزيد عمره على 18 عاماً، إذا كان يعاني من نوبات نسيان، أو له تاريخ مرضي في العائلة، ويريد أن يعرف درجة المخاطر التي يواجهها.
سرطان الأمعاء.. من هم الأكثر عُرضة للإصابة؟
تزايد الاهتمام بالتوعية بمخاطر سرطان الأمعاء بعد وفاة مذيع بي بي سي جورج ألغايا، عن 67 سنة، بهذا المرض الخبيث الأسبوع الماضي. وكان ألغايا تم تشخيص إصابته بالمرحلة الرابعة من سرطان الأمعاء في سنة 2014. وقام المذيع الراحل بدور كبير في تعزيز حملة التوعية بهذا المرض. وسرطان الأمعاء هو لفظ عام يطلق على السرطان الذي يحدث في البطن، ويشمل القولون والمستقيم. ويطلق عليه أحياناً سرطان القولون والمستقيم. ويتم تشخيص إصابة نحو 43 ألف شخص في بريطانيا سنوياً بهذا المرض، ليكون بذلك رابع أكثر أنواع السرطان شيوعاً، وثاني أكبر سرطان مسبب للوفاة في بريطانيا. وقالت استشارية جراحة القولون والمستقيم بمستشفى الأمير غريس الدكتورة سينا دورودي إن سرطان الامعاء يمكن اكتشافه مبكراً، ويسهل علاجه في تلك المرحلة. وعادة ما يبدأ هذا المرض بمجموعة من الأورام الحميدة التي تنشأ على جدار البطن. وإذا لم يتم اكتشاف تلك الأروام الحميدة فإن بعضها يصبح مسرطناً، ويتحول إلى ورم خبيث. وأضافت: لا بد من التشديد على أنه إذا تم اكتشاف تلك الأورام مبكراً ففي غالب الحالات يتدخل الجراح لاستئصال الورم. ولكن من هو الأكثر عُرضة للإصابة بهذا السرطان؟ تقول الرئيسة التنفيذية لمنظمة سرطان الأمعاء بالمملكة المتحدة جنفييف إدواردز: إن أي شخص يمكن أن يصاب بهذا السرطان، لكنه أكثر شيوعاً وسط الرجال الذين تعدوا 50 سنة من العمر، لكن الشباب أيضاً يمكن أن يصابوا به. والواقع أن أكثر من 9 من كل 10 حالات تم تشخيصها هي لأشخاص تجاوزوا 50 سنة من أعمارهم. ولكن يتم أيضاً تشخيص نحو 2500 إصابة بسرطان الأمعاء لأشخاص دون سن الـ50 عاماً سنوياً. وإذا كان لدى الشخص قريب من الدرجة الأولى (والد، أو شقيق، أو ابن، أو ابنة) تأكد تشخيص إصابته بسرطان الأمعاء، فإن ذلك يزيد احتمالات إصابته بالمرض نفسه. وهناك أسباب عدة تزيد مخاطر الإصابة. ويقول الأطباء إن 54% من الحالات تعتبر إصابات كان يمكن منع حدوثها. وتعد السمنة أحد أكبر العوامل، تتسبب بنحو 11% من حالات سرطان الأمعاء في بريطانيا. كما أن النظام الغذائي غير الجيد يمكن أن يتسبب في الإصابة؛ فقد أشارت دراسات إلى أن استهلاك كميات كبيرة من اللحوم الحمراء واللحوم المُصنّعة يتسبب في نحو 13% من الحالات، بحسب أرقام جمعية أبحاث السرطان بالمملكة المتحدة. وتقول منظمة الصحة العالمية إن لحم الخنزير، والنقانق، والتدخين من أكبر أسباب الإصابة بالسرطان. وتزيد الوجبة الغنية بالألياف احتمالات النجاة من الإصابة بالسرطان. وأضافت الدراسات أن عدم تناول كميات كافية من الألياف يتسبب في 30% من الإصابات بسرطان الأمعاء. ويعتقد أن تعاطي المشروبات الروحية والتدخين يتسبب في ما يراوح بين 6% و7% من الإصابات على التوالي. وقالت الاستشارية إدواردز إن 97% من الحالات التي يتم تشخيص الإصابة بها في مرحلتها الأولى تتعافى تماماً. وأبرز أعراض الإصابة هي وجود دم في الفسحة، أو نزول قطرات دم من المستقيم. كما تتغير عادات إفراغ المعدة بشكل جذري. ويفقد المصاب قدراً كبيراً من وزنه، ويشعر بتعب شديد جداً من دون أي سبب، كما يشعر بعض المصابين بألم ويحسُّون ورماً في المعدة. لكن الأطباء المختصين يشددون على أن الإصابة بأيٍّ من تلك الأعراض لا تعني وجود سرطان الأمعاء. وبذل المذيع الراحل ألغايا جهداً كبيراً للتوعية بمخاطر سرطان الأمعاء، ومن مساعيه بهذا الشأن توعية البريطانيين بضرورة الخضوع لفحص سرطان المعدة، وهو متاح مجاناً في مرافق الخدمة الصحية البريطانية لأي شخص يراوح عمره بين 60 و74 عاماً. وتقرر خفض ذلك العمر إلى 50 سنة اعتباراً من سنة 2026. أي شخص في العمر المذكور سيرسل له طبيب العائلة جهاز فحص في منزله مرة كل سنتين. ويقوم الفحص على أخذ عينة من الفسحة لمعرفة ما إذا كانت تخالطها أي نقاط دم. وفي حال اكتشاف وجود السرطان يقوم طبيب العائلة بتحويل الشخص إلى المستشفى لبدء العلاج.