د. حسن مدن

هل يمكن الجمع بين شخصية السياسي وشخصية الشاعر؟ سؤال معقد، لكن الحياة قدّمت أسماء جمعت بين الشعر والسياسة. ويتفاوت الأمر بين شخص وآخر، فلدى بعضهم ترجح كفة الشاعر على كفة السياسي، كما هي الحال مع التشيلي بابلو نيرودا، ويحدث العكس مع بعضهم الآخر، حيث تكون للسياسة الغلبة في «بروفايل» الشخص المعني، كما هي حال الزعيم الفيتنامي الشهير هوتشي منه.
حديثنا سيكون عن رجل سياسة لكنه كان يكتب الشعر أيضاً، هو مؤسس الصين الشيوعية ماوتسي تونج، المعروف بحزمه ومركزيته، ويصفه خصومه بالديكتاتور، إذ أصبحت لفافة كتب عليها بعض قصائده خبراً في وكالات الأنباء، بعد أن بيعت بسعر زهيد، فيما تقدّر قيمتها بربع مليار يورو.
ولهذه اللفافة الثمينة التي كتبت عليها أشعار الزعيم الذي كان حريصاً على ألا يقدم نفسه كمفكر وقائد فقط، بل كشاعر أيضاً حكاية، حيث استعادتها الشرطة في هونج كونج، بعد أن قام لصوص بسرقتها من منزل جامع صيني للتحف في سبتمبر/ أيلول، وقالت الشرطة إن اللفافة تضررت، حيث تمّ تقطيعها إلى نصفين.
وبحسب ما قال جامع التحف، فإن العصابة سرقت خلال اقتحامها المنزل أشياء بقيمة خمسة مليارات دولار هونج كونجي (548 مليون يورو)، بما في ذلك طوابع بريدية قديمة وأشياء تعود لثورة البر الصيني، بالإضافة إلى لفافة شعر ماو، التي اشتراها رجل بـ500 دولار هونج كونجي معتقداً أنها مزورة.
وجدتُ على موقع صيني رسمي بالعربية ما يشبه النبذة عن ماوتسي تونج الشاعر، ولكن الترجمة كانت رديئة جداً، فلا تكاد تفهم مغزى العبارات فيه، ولا النصوص المترجمة، فضلاً عن لغة التمجيد الفجّ لشخصية الزعيم ولأشعاره، الذي قال الموقع إنها دفعت الشعر الصيني إلى آفاق جديدة، وإنها تتميز بتألقها وسحرها، وغير ذلك من أوصاف جديرة بالتحقق من مدى دقتها.
باحث غربي اسمه فيليب شورت عمل لمدة ثلاثين عاماً مراسلاً لـ «بي.بي.سي» في العديد من عواصم العالم، بما فيها بكين، وضع كتاباً عن سيرة ماوتسي تونج، قال فيه «إن ماو كان رجلاً ذا وجوه عديدة، كان شاعراً وفيلسوفاً وقائداً حربياً ورجل دولة ورجل استراتيجيات أيضاً، إلى جانب مراوغته السياسية عندما اقتضى الأمر ذلك».
ومع إقراره بالطابع الشمولي للنظام الذي أقامه ماو، فإنه يؤكد على أن «يقظة» الشعب الصيني ارتبطت باسمه، ومن أشعاره نقل أبياتاً بينها: «مئة سفينة تمخر عباب الماء/ النسور تضرب بجناحيها الخواء اللامتناهي/ والأسماك تدور حول نفسها في المياه العميقة».

madanbahrain@gmail.com