فوضى التسويق
هل أقنعك إعلان باقتناء دواء؟ هل كل ما يتم تسويقه هو حقيقة يجب الإيمان بها؟
أكثر التسويق يتوجه للأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن والأشخاص المهتمين بالجمال، ولكن هل بالفعل كل هذه الأدوية مصرحة من هيئة الدواء والغذاء؟ وإن كان مصرحا بها في بلد آخر، هل يحق لنا الإعلان عنها في بلد لم يجزها بعد؟
المتطلبات تنقسم إلى ضرورات واحتياجات وكماليات، والأدوية هي ضرورة، ولكن كيف لنا أن نعتبر الدواء سلعة قابلة للتسويق ومن هو الذي يقوم بالتسويق للأدوية؟ وكيف تتم المفاضلة بين دواء وآخر ومن هو المستفيد؟
هناك أدوية تشترك بنفس المحتوى ولكنها تختلف في أسعارها، والمسوق الأفضل هو الرابح. هناك علاجات لا تستلزم الوصفة الطبية وهذه التي يتم تسويقها بأي شخص سواء كان شخصاً يعمل في الحقل الصحي أو مجرد فاشينيستا، إحداهن كانت تتحدث عن قطرة للعين لتصفيتها وكأنها تتحدث عن كحل للعين وليس دواء، وأخرى امتدحت قطرة تستخدم لعلاج ارتفاع ضغط العين لزيادة كثافة الرموش، ماذا يعني هذا! هذا وإن دل على شيء فإنه يدل على انعدام الرقابة على إعلانات السوشيال ميديا، وأن صحة الإنسان أصبحت سلعة استهلاكية.
ترشيد استعمال الدواء يستدعي ترشيد الترويج للمستحضرات الطبية، وحصره على الإعلام الطبي فقط، وضرورة الالتزام بالمعايير الأخلاقية لترويج الأدوية التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية منذ التسعينيات.
زيارة عيادات الأطباء والمستشفيات قلَّت تحت تأثير جائحة كورونا خوفاً من العدوى، وربما كان الصيدلي هو البديل لوصف دواء وإن حرصت الوزارة على عدم صرف العلاجات دون وصفات طبية، ما زالت هناك علاجات تُصرف دون وصفات طبية، وربما يخالطها كثير من الدعاية لعلاج معين دون الآخر، بالرغم من أن لهما المحتوى نفسه، وسريرياً لم تثبت الدراسات الفرق بينهما ولكن تسويقياً إحدى الشركات انتصرت على الأخرى فباعت أكثر.
تسويق الدواء لم يعد حصراً على الطبيب أو الصيدلي بل يشاركه أناس آخرون لا علاقة لهم بالمجال الصحي، أو ربما علاقتهم بالطب لا تتجاوز علاقة الحلاق بخلع الأسنان.
المكملات الغذائية والفيتامينات تحظى بكثير من التسويق بالرغم من أن لكل إنسان احتياجا مختلفا، وعلاجات السمنة أيضاً تلقى الكثير من الرواج لأن «الغرقان يتعلق بقشة» وإن كانت هذه القشة شائكة، استخدام العلاجات اعتماداً على إعلان فلان وفلانة ينقصه الكثير من الوعي ويحمل الكثير من المخاطر.
من إعلانات الأدوية لإعلانات وعروض المختبرات، فكيف لإنسان يحدد ما يحتاجه بالفعل من الفحوصات، فلكل فئة عمرية فحوصات معينة يحددها طبيبه. كم مرة ذهبت إلى أحد المختبرات لعمل فحص شامل نتيجة إعلان تخفيض تكلفة التحاليل، اعتماداً على ماذا نحدد نوعية التحاليل؟
فليس كل ما تعتقد أنك تحتاجه هو كذلك وليس كل ما ظننته يكفي كان كافياً.
الوعي ومعرفة ما نحتاج وما لا نحتاج ضرورة، الفحص الدوري يعتمد على مرئيات الطبيب وليس على باقة المختبرات المتاحة، الصحة أغلى من أن يحددها إعلان أو مُنتَج، كل معلن ليس له صلة بالطب يسوق لمنتج دوائي يجب معاقبته حسب ما يقتضيه قانون حماية المستهلك.
@seniordoctor
Next Page >