عودة “حذرة” لمقاعد الدراسة بالجزائر.. بعد 7 أشهر من الإغلاق
وجاء في بيان مجلس الوزراء الأخير، برئاسة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أنه تم تحديد 21 أكتوبر، موعدا للدخول المدرسي بالنسبة للطور الابتدائي عبر كافة التراب الجزائري و4 نوفمبر للمتوسط والثانوي، فيما حدد الدخول الجامعي يوم 15 نوفمبر المقبل.
ويأتي الإعلان الرسمي عن الدخول المدرسي ليضع حدا لحالة الترقب لدى العائلات الجزائرية التي وجدت نفسها بعد ستة أشهر من غلق المدارس (منذ مارس آذار 2020) بسبب انتشار فيروس كورونا تعيش فترة صعبة خاصة أن معظم أماكن الترفيه والرياضة ظلت مغلقة ولم تفتح إلا مؤخرا.
عودة مدرسية "باردة"
في إطلالة على الشارع الجزائري قبل أقل من 15 يوما عن الدخول المدرسي، لا نجد أي صورة عن وجود تحضيرات لعودة قريبة إلى الدراسة، رغم أن مترشحي البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط اجتازوا امتحاناتهم قبل شهر وهم ينتظرون النتائج على أحرّ من جمر.
وككل سنة كانت محلات وأسواق الجزائر العاصمة، تمتلئ عند قرب أي دخول مدرسي بباعة الأدوات المدرسية من كتب وكراريس ومحافظ ومئازر من كل الأصناف والأنواع، لكن هذه السنة تبدو المحلات فارغة من هذا النوع من السلع.
فلا سوق "علي ملاح" ولا "مارشي12" في قلب الجزائر العاصمة يعرفان طاولات بيع الأدوات المدرسية بكثرة، ولا حتى المكتبات الواقعة على قلتها في شارع حسيبة بن بوعلي تعرف ذلك الزخم في بيع الأدوات المدرسية مثلما كان عليه الأمر سابقا.
إقبال ضعيف
بعض الباعة أرجعوا الأمر في حديث مع "سكاي نيوز عربية" إلى أن عدم إقبال الأسر على شراء الأدوات المدرسية بسبب التأجيل المتكرر للدخول المدرسي "حوّل هذه التجارة إلى كساد"، في حين يعتبر آخرون أن فيروس كورونا هو "المتسبب" بما أن المخاوف من العدوى أضعفت من عملية استيراد الأدوات المدرسية من الصين التي تعتبر البؤرة الأولى للفيروس.
فيما أكد جمال.ح صاحب مكتبة في باب الزوار "شرقي العاصمة" لـ"سكاي نيوز عربية" أنه "بعد ثلاثة أسابيع سيتم طرح سلعة جديدة من الأدوات المدرسية للبيع"، وهو الذي كان يتحدث إلينا واضعا داخل محله مجموعة من الكراريس والمسطرات والأقلام الملونة من "بقايا" الموسم الماضي.
وفي السياق ذاته، تحذر جمعيات لها علاقة بالدفاع عن المستهلك من استغلال بعض التجار لأدوات قديمة في إطار إعادة بيعها بأثمان باهضة، وهو الأمر الذي يخشاه أولياء التلاميذ بدورهم.
البروتوكول الصحي
وتشدد السلطات العليا في الجزائر بعد اتخاذها لقرار إعادة التلاميذ إلى المؤسسات التربوية، إثر مشاورات فتحتها وزارة التربية الوطنية مع الشركاء الاجتماعيين وأولياء التلاميذ على الاحترام الصارم لشروط النظافة وفق ما يقتضيه البروتوكول الصحي.
ويعتمد البروتوكول الصحي الوقائي المصادق عليه من طرف اللجنة العلمية التابعة لوزارة الصحة على عدة تعليمات أبرزها "ضرورة احترام معيار التباعد الجسدي (1 متر على الأقل) والعمل مع أفواج مصغرة من التلاميذ مع إلزامية وضع القناع الواقي بالنسبة للتلاميذ والأساتذة والإداريين والعمال الذين يمارسون مهامهم في المؤسسات التعليمية، واعتماد التفويج بحيث يقسم كل قسم إلى أفواج فرعية لا يتعدى عدد التلاميذ فيها 20 تلميذا".
وكذلك "العمل بالتناوب بين الفوجين الفرعيين، وتجنب تجمع أعداد كبيرة من التلاميذ وفق تنظيم الاستقبال وحركة التلاميذ، مع ضمان حجم زمني كاف لإرساء الموارد اللازمة لتنصيب الكفاءات المستهدفة في مناهج كل مستوى تعليمي".
أولياء التلاميذ متخوفون
وليس التلاميذ لوحدهم معنيون بهذا الدخول المدرسي، فأوليائهم لديهم الكثير مما يقولونه في ظل ظرف صحي خلق ارتدادات اقتصادية على قدرتهم الشرائية التي تضاءلت بسبب فقدان الكثير من الآباء لوظائفهم أو استعادتها مؤخرا بسبب ‘جراءات الحجر الصحي، فيما عرفت الأجرة الشهرية للكثير من الأولياء "تقهقرا" جراء معاناة مؤسساتهم الاقتصادية من الغلق لأشهر.
ومن أجل تقديم الكلمة للأولياء بخصوص الموضوع، التقت "سكاي نيوز عربية" رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، علي بن زينة، الذي أكد أن السنة الدراسية 2020-2021 ستكون "صعبة" سواء بالنسبة للتلاميذ أو لقطاع التربية.
وقدم بن زينة مجموعة من النقاط بخصوص البروتوكول الصحي المعتمد عليه بالنسبة للدخول المدرسي، حيث أكد أن "وزارة التربية الوطنية لم تصدر أي بيان رسمي لحد الساعة من شأنه أن يقدم ضمانات للأولياء والشركاء الاجتماعيين بخصوص الدخول المدرسي في وقته المحدد من طرف مجلس الوزراء".
وتابع علي بن زينة "ليس لمدراء المؤسسات التربوية لحد الآن أية تعليمات بخصوص تفويج التلاميذ عند عودتهم إلى مقاعد الدراسة، ولا توجد عملية توعوية بالنسبة لتقييم المستويات علما أن هناك 18 ألف مؤسسة تربوية و6 ملايين تلميذ في طور الإبتدائي في الجزائر"، كاشفا في الوقت ذاته أن هناك مدارس "لا تزال تحت الصيانة".
ويخشى رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ من سيناريو بعض الدول التي أغلقت مؤسساتها التربوية بعد أن فتحتها في وجه التلاميذ، بسبب ارتفاع عدد الإصابات بعد ذلك، مشيرا في السياق ذاته، أنه "لابد من أخذ الحيطة والحذر خاصة أن الطفل يعتبر ناقلا للفيروس التاجي من دون أن تظهر عليه علامات المرض".
وأفاد المتحدث ذاته، أن منظمة أولياء التلاميذ "حذرت في السابق من موجة ثانية لفيروس كورونا وقدمت اقتراحاتها بخصوص ذلك في شهري مايو ويونيو الماضيين".
مخطط صحي مطلوب
وفي ظل أجواء جديدة فرضتها جائحة كورونا على المجتمع بمختلف أطيافه، من الواضح أن التحضير النفسي له دور بالغ الأهمية لإيجاد مفاتيح حل عقدة عودة مدرسية مقرونة بوباء عالمي رغم تراجع أرقام الإصابات في الجزائر مقارنة بعدة دول جارة إلا أن الخطر ما يزال قائما.
ويرى بعض خبراء علم النفس أن موعد الدخول المدرسي في ظل جائحة كورونا لديه وقع خاص على التلاميذ، كما قد يخلق قلقا لدى البعض الآخر منهم نتيجة ظروف اجتماعية وتربوية أخرى.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور خالد شنون، الأخصائي في علم النفس التربوي، من جامعة الجزائر "2" في اتصال مع "سكاي نيوز عربية" إن الدخول الاجتماعي والمدرسي "يكتسي أهمية قصوى في أي مجتمع، حيث كل الأسر تعنى بالتربية والتعليم".
وهنا يقترح الدكتور خالد شنون الذي نشر عدة مساهمات في علم النفس التربوي في الصحف الوطنية، أن توفر السلطات الوصية "خلايا مرافقة" للتلاميذ، لها "برامج مكيفة حسب المراحل التعليمية والعمرية، تعنى بالتوجيه والإرشاد النفسي لتحقيق التوافق الدراسي لدى المتعلمين".
ويدعو الدكتور خالد شنون المسؤولين والمربين إلى "بذل جهد مضاعف" في سبيل "تحضير فضاءات بالنسبة للتلاميذ للإندماج العادي في الصفوف الدراسية"، مشددا في الوقت ذاته، على حشد "مخطط بيداغوجي وصحي، وبسيكولوجي هادف، يحدد بدقة الاحتياجات التربوية في المؤسسات التعليمية ومدخلاتها، ويضع خطة قابلة للتنفيذ، حتى تتمكن الوصاية من بلوغ حد أقصى من الأهداف المسطرة للموسم الحالي".